نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 383
المرتبة السادسة:
الاختيار المطلق، بمعنى أن يكون للفرد حرية الفعل و الترك معا، بمقدار خمسين بالمائة على السواء.
و هذا أمر نسبي أيضا، فقد تكون أطراف التخيير كلها ممكنة، و ليس في أحدها حافز أكثر من الآخر ... و قد يكون في بعضها حافز أكثر، و قد يكون في بعضها مثبط أو مبعد. و قد يكون بعضها مضطرا إلى فعله بالمرتبة الثانية أو الثالثة، و يكون الاختيار باعتبار الأطراف الأخرى، و هكذا.
المقدمة الثانية:
إذا عرفنا هذه المراتب الست، أمكننا أن نعرف بوضوح اختلافها في درجة الاختيار، و أن نلاحظ اختلافها في درجة المسئولية القانونية المترتبة عليها.
فان كل فعل له أثر قانوني، تتناسب درجة مسئولية طاعته و عصيانه مع درجة الاختيار تناسبا طرديا. و يدور التشريع مدار الاختيار تماما، سواء كان التشريع عقليا أو شرعيا دينيا أو قانونا وضعيا. بل أن كل من يتصدى لوضع أي تشريع فانه يفترض سلفا أن من يأمره و ينهاه و يعاقبه شخص له اختيار الفعل و الترك ... و إلا فلا معنى للأمر و النهي و لا للنصح و التوجيه ... و يكون العقاب ظلما و الثواب لغوا. فانه إذا انعدم الاختيار، انعدمت المسئولية، إذ يكون للفرد العاصي عندئذ بأنه كان مقهورا و مجبورا على العصيان .. و لا معنى لعقابه حينئذ.
فإن قال قائل: فان هناك الكثيرون ممن يؤمنون بالوجود القانوني للتشريع و يعملون عليه. مع أنهم يؤمنون بالجبر و انعدام الاختيار بالمرة. كالماديين و الأشاعرة.
قلنا له: العمل على التشريع من قبل هؤلاء، ناشئ من أن وجدانهم الارتكازي قائم على الاختيار، و حياتهم العملية قائمة على الايمان به، من حيث أن تحمل مسئولية العصيان أمر عقلاني عام ... فهم مؤمنون بالاختيار عمليا و إن اعتقدوا من الناحية الفلسفية بخلافه، و غفلوا عن المنافاة بين ثبوت المسئولية و بطلان الاختيار.
و على أي حال، فالمسؤولية القانونية، تزداد بازدياد الاختيار و تقل بقلته، كما
نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 383