نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 341
من قائل: (وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما، فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ)[1]. و إنما يتحقق البغي فيما إذا كان أحد الطرفين المتحاربين يستهدف هدفا باطلا. و من ضرورة الشرع و العقل وجوب محاربة الباطل و حرمة نصرته.
الأمر الثاني:
أن يعلم الفرد أن الحق مجانب لكلا الفريقين، و أن كليهما ينصر مذهبا باطلا و يدافع عن هدف منحرف، أو- على الأقل- يشك في ذلك و يحتمله احتمالا. و في مثل ذلك لا يجوز له نصرة أي من الفريقين، كما هو واضح. فان نصرة أي منهما نصرة للانحراف و الضلال، يقينا أو احتمالا ... و كلاهما محرم في الإسلام.
و مدلول هذه الروايات، من حيث وجوب الاعتزال عن كلا الفريقين، لو حمل على ذلك بالخصوص، لكان أمرا صحيحا. و لعل هذا هو مراد النبي (ص) من قوله: شاركت القوم إذن. يعني في الباطل و الانحراف. إلا أن شمول الرواية لصورة الأمر الأول يبقى نافذ المفعول، و هو أمر غير صحيح.
كما ان الأمر بتحمل القتل لو دخل عليه في بيته، أمر لا يمكن قبوله، لأنه مخالف لضرورة العقل و الشرع معا في وجوب الدفاع عن النفس، و في كون المستسلم للقتل قاتل لنفسه، في الحقيقة، فيبوء بإثم نفسه، لا أن القاتل يبوء بالإثمين معا. و يكون كلاهما مشمولا لقوله تعالى: (وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها، وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً)[2]. أما إثم القاتل لمباشرته القتل. و أما المقتول فلأنه سبب إلى قتل نفسه.
و قد يخطر في الذهن: أن الفرد إذا كان أعزل عن الأسلحة تماما، يكون الدفاع متعذرا عليه. و معه يكون الأمر بتحمل القتل منطقيا بالنسبة إليه.
و جوابه: أن هذا صحيح بالنسبة إلى الأعزل، لكنه غير صحيح بالنسبة إلى هذه الروايات، فإنها واردة في غير العزّل، تأمرهم أن يكسروا قسيّهم و يقطعوا أوتارهم و أن يضربوا بسيوفهم الحجارة. فإذا تلفت أسلحتهم وجب عليهم تحمل