و أخرج في الصواعق المحرقة [2] عن أحمد و أبي داود و الترمذي و ابن ماجه ما ذكرناه من اللفظ الثاني للحديث. و عن أبي داود و الترمذي: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد .. إلى أن قال: يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما. و عن الطبراني: فيبعث اللّه رجلا من عترتي أهل بيتي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا ... الحديث. و عن الروياني و الطبراني [3]: المهدي من ولدي ... إلى أن يقول: يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
و غير ذلك كثير، موزع في المصادر، كالذي ذكره الشبلنجي في نور الأبصار و الصبان في إسعاف الراعبين و الشبراوي في الاتحاف و أبو نعيم الأصفهاني في أربعينه و سبط ابن الجوزي في تذكرته. و كمال الدين بن طلحة في مطالب السئول. مضافا إلى ما أخرجه أحمد في مسنده و الحاكم في مستدركه و السيوطي في العرف الوردي ... إلى غير ذلك من المصادر.
و أما من روى هذا المضمون من علماء الامامية و مصنفيهم، فأكثر من أن يحصر. تعرض له كل من روى في العقائد أو التاريخ، و تكلم عن الامام المهدي (ع).
و المراد بالظلم، الانحراف عن جادة العدل الاسلامي، و نحوه الجور و هو الميل، يقال: جار عن الطريق أي مال. و هذا الميل، من وجهة نظر نبي الإسلام (ص) الذي روى عنه هذا الحديث الشريف، هو الميل عن تعاليم الإسلام و العدل الصحيح، على الصعيدين الفردي و الاجتماعي.
و الحديث نص واضح، بامتلاء الأرض جورا و ظلما قبل ظهور المهدي (ع) في اليوم الموعود. و هو معنى ما قلناه طبقا للقواعد العامة، من أن أغلب الناس نتيجة للتمحيص الإلهي، سوف يسودهم الانحراف عقيدة أو سلوكا، بحيث يكون الاتجاه الظاهر للبشرية هو قيام النظام الفردي و الاجتماعي على أساس مناقض مع