نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 203
النقطة الثانية:
إن الآية واضحة الظهور في أن الغاية الاساسية و الغرض الأصلي من إيجاد البشرية هو إيجاد هذه العبادة الكاملة في ربوع البشرية، أو إيصالها إلى هذا المستوى الرفيع. و ذلك بقرينة وجود التعليل في قوله تعالى: ليعبدون، مع الحصر المستفاد من الآية من وقوع أداة الاستثناء (إلا) بعد النفي حين قال عز من قائل: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ.
إذن فهذا هو الهدف الوحيد المنحصر الذي لا شيء وراءه من خلقة البشرية، المعبر عنهم بالانس. و هذا الهدف ملحوظ و مخطط بشكل خاص منذ بدء الخليقة، و يبقى- بطبيعة الحال- مواكبا لها ما دامت البشرية في الوجود.
و هذا بالضبط هو ما نعنيه حين نقول: ان اللّه تعالى لم يخلق البشرية لأجل مصلحته، فإنه غني عن العالمين، و إنما خلقهم لأجل مصلحتهم. و أي مصلحة يريدها اللّه لعباده غير كمالهم و رشدهم و صلاحهم المتمثل بالعبادة المخلصة و التوجه إليه بالخيرات نحوه عز و علا.
النقطة الثالثة:
إن الغرض الالهي من خلق البشرية، ما دام هو ذلك، إذن فلا بد أن يشاء اللّه تعالى إيجاد كل ما يحققه و الحيلولة دون كل ما يحول عنه ... شأن كل غرض إلهي مهم ... فان الحكمة الأزلية حين تتعلق بوجود أي شيء، فان تخلفه يكون مستحيلا، و تكون إرادة اللّه تعالى متعلقة بإيجاده لو كان شيئا آنيا فوريا، أو التخطيط لوجوده لو كان شيئا مؤجلا و محتاجا إلى مقدمات من الضروري ان توجد قبله.
و قد برهنا في رسالتنا الخاصة بالمفهوم الاسلامي للمعجزة أن الغرض الالهي المهم إذا تعلق بهدف من الأهداف، فإنه لا بد من وجود ذلك الهدف، و لو استلزم بوجوده أو ببعض مقدماته خرق قوانين الطبيعة، و إيجاد المعجزات. فان القوانين الطبيعية إنما أوجدها اللّه تعالى في كونه لأجل تنفيذ أغراضه من إيجاد الخلق. فإذا توقفت تلك الأغراض على انخرام تلك القوانين و حدوث المعجزات أحيانا أو في كثير من الأحيان ... كانت تلك القوانين الطبيعية قاصرة عن الممانعة و التأثير.
نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 203