نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 148
خضع له الكون كله و هو القدرة الأزلية و الحكمة اللانهائية، و كلا الأمرين عدل و حق، بمنطق العقل الصحيح.
على أن الخضوع للّه عز و جل، بمعنى الالتزام بأوامره و نواهيه و قصر السلوك عليها، يغني الفرد عن اتباع سائر مصادر التشريع البشرية المنحرفة التي على الانزلاق إلى مهاوي الباطل، و على رأسها المصالح الشخصية و القوانين الوضعية ... فيكون الفرد متعاليا عنها عزيزا منيعا من جهتها.
على حين أن البعد عن الالتزام بتعاليم اللّه العادلة، يستلزم- لا محالة- وجود فراغ في السلوك، يملؤه الفرد بأساليب الانحراف، فيكون خاضعا لمقتضياته، و ذليلا أمامها. و هو معنى ذلة معصية اللّه عز و جل.
و هناك أكثر من معنى آخر، لمعنى العزة في طاعة اللّه عز و جل، لا حاجة إلى الاطالة، بسبب بيانه.
و على أي حال، فهذا هو المراد بقوله: أعزهم اللّه بطاعته. و بقوله: و معرفتنا بالذل الذي أصابكم منذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعا، و نبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون.
فإن السلف الصالح كان عزيزا بطاعة اللّه تعالى و الالتزام بتعاليمه، و كان شاسعا- أي بعيدا- عن معصية اللّه عز و جل. و كان ملتزما بالعهد الذي قطعوه أمام ربهم بالطاعة، بصفتهم مسلمين إليه عارفين بأهمية تعاليمه.
فلما اتجه الخلف إلى ما كان السلف مبتعدا عنه، و هو المعصية و مخالفة التعاليم الاسلامية، أصبحوا أذلاء أمام مقتضيات الانحراف و المصالح الخاصة، و بالتالي أمام أعداء الحق و الاسلام. فأصبحوا مقصرين تجاه دينهم و عهد ربهم و أمتهم و أنفسهم.
و من هنا نشعر- من وراء التعبير- بالمرارة و الأسف الذي يعتلج في نفس الامام المهدي (ع) من هذا الانحراف.
النقطة الثالثة:
قوله: نحن و إن كنا ناوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين، حسب الذي
نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 148