نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 127
طال سيره و لم يجد مركوبا. فلما نزلوا للراحة و النوم، نام ذلك الرجل و طال به المنام من شدة التعب، حتى ارتحلت القافلة بدون أن تفحص عنه.
فلما لذعته حرارة الشمس استيقظ، فلم ير أحدا، فسار راجلا، و كان على يقين من الهلاك، فاستغاث بالامام المهدي (عليه السلام)، فرأى في ذلك الحال رجلا على هيئة أهل البادية راكبا جملا. و قال له: يا فلان، افترقت عن القافلة؟ فقال:
نعم. فقال: هل تحب أن أوصلك برفاقك؟ قال فقلت: نعم، و اللّه. هذا مطلوبي و ليس هناك شيء سواه. فاقترب مني و أناخ راحلته، و جعلني رديفا له، و سار. فلم نسر إلا قليلا حتى وصلنا إلى القافلة.
فلما اقتربنا منها، قال: هؤلاء رفقاؤك. و وضعني، و ذهب [1].
الهدف التاسع:
تعليمه الأدعية و الاذكار ذات المضامين العالية الصحيحة، لعدد من الناس.
و أمثله ذلك كثيرة، مما يفهم منه اهتمام الامام (عليه السلام) بالأدعية، لا بصفتها تمتمات لا تسمن و لا تغني من جوع، بل بصفتها نصوصا ذات معان توجيهية تربوية، و مسائل صالحة واعية، سائرة في طريق اللّه تعالى.
و من المعلوم أن أسلوب الدعاء أقرب إلى جوالتكتم و الحذر، من أي شيء آخر، باعتبارها الوسيلة المعترف بمشروعيتها عموما، في الاتصال باللّه عز و جل، و لا يمكن لأي سلطة من السلطات المحاسبة على ذلك. و من هنا رأينا الامام زين العابدين (عليه السلام) قد اتخذ في تربية الأمة أسلوب الدعاء، و ضمن أدعيته أعلى المفاهيم و أجل الأساليب.
و كذلك سار الامام المهدي (ع) في هذا الطريق، و انتهج نفس المنهج فيما انتهجه من أعمال. فكان أن علم عددا من الأفراد عددا من الأدعية. من أهمها «دعاء الفرج» الذي يطلع الفرد على واقعه السيئ في عصور الفتن و الانحراف، و يفهمه أمله المنشود و يربطه باللّه تعالى ارتباطا عاطفيا إيمانيا وثيقا، إذ يقول: اللهم عظم البلاء و برح الخفاء و انقطع الرجاء و انكشف الغطاء و ضاقت الأرض و منعت