نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 109
الحقائق العبادية أو الاجتماعية أو الكونية، نظروا إلى مقدار مستوى السائل من حيث الثقافة، و أعطوه من الجواب بمقدار ما يفهمه و يستطيع هضمه و تمثيله نفسيا و عقليا. و لم يكونوا يحملونه جوابا يحوي من الحقائق ما لا يطيقه كاهله أو لا يسيغه عقله.
بل أن هذا الدين غير خاص بقادة الاسلام، بل عام لكل عالم عند ما يسأله جاهل، و كل اختصاصي عند ما يسأله عامي. فليس من المحتمل أن يجيب انشتاين بكل تفاصيل نظريته النسبية، أو ببعض دقائقها، لو سأله عنها شخص، و إنما يكتفي في الاعراب عنها، بإعطاء بعض العموميات.
و هذا هو المراد الجوهري، مما ورد شرعا و عرفا، من قولهم: خاطب الناس على قدر عقولهم. و هو أمر واضح في الأذهان في غاية الوضوح.
و معه، فلا ينبغي أن نتوقع من المهدي (ع) أن يسير بغير هذا الديدن الذي سار عليه آباؤه (عليهم السلام). فهو لا محالة يقدر المستوى العقلي و الثقافي للفرد قبل أن يوجه توجيهه أو يذكر كلامه.
فإذا علمنا أنه (عليه السلام) كان يواجه الناس لاغراض حل مشاكلهم العامة و الخاصة، بغض عن مستوياتهم الثقافية، و علمنا أن كثيرا من كان يواجههم ذو مستوى في الوعي و الثقافة الاسلامية العامة واطىء إلى حد كبير ... لم نكن نتوقع- مع هذا- أن يذكر المهدي توجيها أو إرشادا خارجا عن حدود قضاء الحاجة و تذليل المشكلة، مما يكون له آثار أخرى في المجتمع و الحياة.
و هذه هي القاعدة الأساسية التي تفسير هذا الجانب من سياسة الامام (عليه السلام)، تجاه الآخرين.
النقطة الرابعة:
أننا لو غضضنا النظر عما قلناه في النقطة الثالثة، و فرضنا أن المهدي (ع) يوجه البيانات إلى من يراه بشكل واسع، بقطع النظر عن مستواه الثقافي و الفكري ...
فنحن- مع ذلك- لا ينبغي أن نتوقع من هذه التوجيهات أن تصنع لنا الأبطال و المشاهير في العلم و العمل ... كما تخيل السائل الذي نناقشه الآن.
فاننا نعرف سلفا أن المقابلة تكون قصيرة دائما، و غير مكررة على الأغلب،
نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 109