responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاج العروس من جواهر القاموس نویسنده : المرتضى الزبيدي    جلد : 7  صفحه : 27

و أنشد:

يا لَيْتَ شِعْرِي عنْكُمُ حَنِيفَا # و قد جَدَعْنَا مِنْكُمُ الأُنْوفَا

و أَنشد [1] :

ليْتَ شِعْرِي مُسافِرَ بْنَ أَبي عَمْ # رٍو، و لَيْتٌ يَقُولُهَا المَحْزُونُ‌

أَي ليْت عِلْمِي، أَو ليتَنِي عَلِمْتُ، و لْيتَ شِعْرِي من ذلك، أَي لَيْتَني شَعَرْتُ ، و في الحديث: لَيْتَ شِعْرِي ما صَنَعَ فُلاَنٌ» أَي ليتَ عِلْمِي حاضِرٌ، أَو مُحِيطٌ بما صَنَع، فحذَف الخَبَر، و هو كثيرٌ في كلامهم.

و قال سِيبَوَيْه: قالُوا: لَيْتَ شِعْرَتِي ، فحَذَفُوا التّاءَ مع الإِضافةِ للكثْرَةِ، كما قالوا: ذَهَبَ بعُذْرَتِهَا، و هو أَبو عُذْرِهَا، فحذفُوا التاءَ مع الأَبِ خاصّة، هذا نصُّ سِيبَوَيْهِ، على ما نقله صاحِب اللِّسَان و غيره، و قد أَنكرَ شيخُنَا هذا على سيبويه، و توَقَّف في حَذْفِ التاءِ منه لزُوماً، و قال: لأَنّه لم يُسْمَعْ يوماً من الدَّهْر شِعْرَتِي حتّى تُدَّعَى أَصالَةُ التاءِ فِيه.

قلْت: و هو بَحْثٌ نفيسٌ، إِلاّ أَنّ سيبويه مُسَلَّمٌ له إِذا ادّعَى أَصالَةَ التاءِ؛ لوقوفه على مَشْهُور كلامِ العربِ و غَرِيبِه و نادِرِه، و أَمّا عدمُ سَمَاع شِعْرَتِي الآن و قبلَ ذلك، فلهَجْرِهِم له، و هذا ظاهِرٌ، فتَأَمَّلْ في نصّ عبارة سيبويه المُتَقَدِّم، و قد خالَف شيخُنَا في النَّقْل عنه أَيضاً، فإِنه قال: صَرَّحَ سيبويه و غيره بأَنّ هذا أَصلُه لَيْتَ شِعْرَتِي ، بالهَاءِ، ثم حذَفُوا الهاءَ حَذْفاً لازماً. انتهى و كأَنّه حاصِلُ معنَى كلامه.

ثم قال شيخُنا: و زادُوا ثالِثَةً و هي الإِقامَةُ إِذَا أَضافُوها، و جَعلوا الثّلاثةَ من الأَشْبَاهِ و النّظَائِرِ، و قالوا: لا رابعَ لها، و نَظَمها بعضُهم في قولِه:

ثلاثَةٌ تُحْذَفُ ها آتُها # إِذا أُضِيفَتْ عندَ كُلّ الرُّواهْ

قولُهُم: ذاكَ أَبُو عُذْرِهَا # و ليْتَ شِعْرِي ، و إِقام الصَّلاهْ‌

و أَشْعَرَهُ الأَمْرَ، و أَشْعَرَهُ بهِ: أَعْلَمَه‌ إِيّاه، و في التَّنْزِيل:

وَ مََا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهََا إِذََا جََاءَتْ لاََ يُؤْمِنُونَ [2] أَي و ما يُدْرِيكُم.

و أَشْعَرْتُه فشَعَرَ ، أَي أَدْرَيْتُه فدَرَى.

قال شيخنا: فشَعَرَ إِذَا دخَلتْ عليه همزةُ التَّعْدِيَةِ تَعَدَّى إِلى مفعولين تارةً بنفْسه، و تارةً بالباءِ، و هو الأَكثرُ لقولهم:

شعَرَ بهِ دون شَعَرَه ، انتهى.

و حكَى اللّحيانِيّ: أَشْعَرْتُ بفلانٍ: أطْلَعْتُ عليه و أَشْعَرْتُ به: أَطْلَعْتُ عليه، انتهى؛ فمقتضى كلامِ اللّحيانيّ أَنْ أَشْعَرَ قد يَتَعدّى إِلى واحدٍ، فانظره.

و الشِّعْرُ ، بالكسر، و إِنّمَا أَهمَلَه لشُهْرَتِه، و هو كالِعلْم وَزْناً و مَعْنًى، و قيل: هو العِلْمُ بدقائِقِ الأُمور، و قيل: هو الإِدْرَاكُ بالحَوَاسّ، و بالأَخير فُسِّرَ قولُه تعالى: وَ أَنْتُمْ لاََ تَشْعُرُونَ * [3] ، قال المصنِّف في البصائر: و لو قالَ في كَثيرٍ مّما جاءَ فيه لا يشْعُرون : لا يَعْقِلُون، لم يكُنْ يجُوز؛ إِذْ كان كثير [4] مما لا يَكُونُ محْسُوساً قد يكونُ مَعْقُولاً، انتهى، ثم‌ غَلَبَ على منْظُومِ القولِ: لشَرَفِه بالوَزْنِ و القَافِيَةِ ، أَي بالْتزامِ وَزْنهِ على أَوْزَان العربِ، و الإِتيان له بالقَافِيَة التي تَرْبِطُ وَزْنَه و تُظْهِر مَعْناه، و إِنْ كان كُلُّ عِلْمٍ شِعْراً [مِن‌] [5]

حَيْثُ غلَبَ الفِقْهُ على عِلْمِ الشَّرْع، و العُودُ على المَنْدَل، و النَّجْمُ على الثُّريّا، و مثلُ ذلك كثيرٌ.

و ربما سمَّوُا البَيْتَ الواحدَ شِعْراً ، حكاه الأَخْفَشُ، قال ابن سيده: و هذا عندي ليس بقَوِيّ إِلاّ أَن يكون على تَسْمِيَة الجُزْءِ باسم الكُلّ.

و عَلَّل صاحِبُ المفرداتِ غَلبتَه على المَنْظُوم بكونه مُشْتَمِلاً على دَقَائقِ العَربِ و خَفايَا أَسرارِها و لطائِفِها، قال شيخُنا: و هذا القَوْلُ هو الذي مالَ إِليه أَكثرُ أَهْلِ الأَدَبِ؛ لرِقَّتِه و كَمَالِ مُنَاسبَتِهِ، و لِمَا بينَه و بَيْنَ الشَّعَر -مُحَرَّكةً-من المُنَاسَبَة في الرّقّة، كما مال إِليه بعضُ أَهْلِ الاشتقاق، انتهى.


[1] في التهذيب: و أنشد بيت أبي طالب بن عبد المطلب.

[2] سورة الأنعام الآية 109.

[3] سورة الزمر الآية 55 و سورة الحجرات الآية 2.

[4] عن المفردات للراغب، و بالأصل «كثيراً» تحريف.

[5] زيادة عن اللسان.

نام کتاب : تاج العروس من جواهر القاموس نویسنده : المرتضى الزبيدي    جلد : 7  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست