نام کتاب : تاج العروس من جواهر القاموس نویسنده : المرتضى الزبيدي جلد : 7 صفحه : 213
في بيان اللغة الصِّرْفة. ثم ما ذكرُه في الصّحاح أَيضاً لا يكون مَعنًى لُغَوِيًّا على ما أَفادَ صاحِبُ «الكَشَّاف» فإِنّه قال:
العَزْرُ : المَنعُ، و منه التَّعْزِير ، لأَنه مَنْعٌ عَنْ مُعَاوَدَة القَبِيحِ.
فعَلى هََذا يكون ضَرْباً دُونَ حَدٍّ، مِنْ إِفرادِ المَعنَى الحَقِيقيّ، فلا وُرُودَ على صاحِب القامُوس في هََذه المادَّة.
انتهى.
قال شيخُنَا: قُلْتُ: و هََذا من ضِيق العَطَنِ و عَدَم التمْيِيز بين المُطْلَقِ و المُقَيَّدِ. فتأَمّل.
قلتُ: و العَجَبُ منهم كيْفَ سَكَتُوا على قَوْلِ الشَّيْخ ابنِ حَجَر، و هو: فكَيْفَ يُنْسَبُ لأَهْلِ اللُّغَةِ الجاهِلِينَ بذََلك مِنْ أَصْله؟: فإِنّه إِنْ أَرادَ بأَهْل اللُّغَة الأَئمةَ الكِبَارَ كالخَلِيلِ و الكِسَائيّ و ثَعْلَب و أَبِي زَيْدٍ و الشَّيْبَانِيّ و أَضْرابهم، فلَمْ يَثْبُت ذلك عَنْهُم خَلْطُ الحَقَائق أَصْلاً، كما هو مَعْلُومٌ عند من طالَع كتاب «العَيْن» و «النوادِر» و «الفَصِيح» و شُرُوحَه و غَيْرَها. و إِنْ أَرادَ بهم مَنْ بَعْدَهُم كالجَوْهرِيّ و الفارَابِيّ و الأَزْهَرِيّ و ابن سِيدَه و الصَّاغَانِيّ، فإِنّهُم ذَكَرُوا الحَقَائِقَ الشَّرْعيَّة المُحْتَاجَ إِلَيْهَا، و مَيَّزُوهَا من الحَقَائقِ اللُّغَوِيّة إِمّا بإِيضاح، كالجوهَرِيّ في الصحاح، أَو بإِشارَة، كبيَانِ العِلَّة التي تُمَيِّز بينهما، و تارَةً بِبَيَان المَأْخَذِ و القَيْدِ، كابنِ سِيدَه في المُحْكَم و المُخَصّص، و ابنِ جِنِّي في سِرِّ الصناعَةِ، و ابنِ رَشِيق في العُمْدَةِ، و الزَّمَخْشَرِيِّ في الكَشَّاف. و كَفاكَ بواحدٍ منهم حُجَّةً للمُصَنّف فِيما رَوَى و نَقَل. و المَجْدُ لمَّا سَمَّى كتابه البَحْر المُحِيط تَرَك فيه بَيَانَ المآخِذِ و ذِكْر العِلَلِ و القُيُودات الَّتي بها يَحْصُل التَّمْيِيزُ بين الحَقِيقَتَيْن، و كذا بَيْنَ الحَقِيقَةِ و المَجَازِ، لِيَتِمَّ له إِحاطَةُ البَحْرِ فهو يُورِدُ كَلامَهم مُخْتَصَراً مُلْغزاً مَجْمُوعاً مُوجَزاً، اعْتِمَاداً على حُسْنِ فَهْمِ المُتَبَصِّرِ الحاذِق المُمَيِّزِ بين الحقيقة و المَجَازِ و بَيْنَ الحقائقِ، و مُرَاعَاةً لسُلُوك سبِيلِ الاخْتِصَار الذي راعاه، و اسْتِغراقِ الأَفْرَاد الّذِي ادَّعَاه.
و قوله: و هي دَقِيقَةٌ مهمّة تَفطَّنَ لها صاحِبُ الصحاح و غَفَلَ عنها صاحب القاموسِ قلتُ: لم يَغْفَلْ صاحِبُ القامُوسِ عن هََذه الدَّقِيقَة، فإِنّه ذَكَرَ في كتابه «بَصائر ذَوِي التَّمْيِيز في لطَائِف كتابِ اللََّه العَزِيز» مُشِيراً إِلى ذََلك بقَوْلِه ما نَصُّه:
التَّعْزِيرُ : من الأَضْداد، يكونُ بمَعْنَى التَّعْظِيم و بمَعْنَى الإِذْلال، يقال: زمانُنا العَبْدُ فيه مُعزَّرٌ مُوَقَّر، و الحُرّ فيه مُعزَّرٌ مُوَقَّر، الأَوّلُ بمعنَى المنْصُورِ المُعَظَّم، و الثانِي بمَعْنَى المضْرُوبِ المُهَزَّم. و التَّعْزِيرُ دُونَ الحَدّ، و ذََلك يَرْجِع إِلى الأَوَّلِ لأَنّ ذََلك تأْدِيبٌ، و التَأْدِيب نُصْرَةٌ بقهْر ما. انتهى.
فالظَّاهِرُ أَنّ الذِي ذَكَرَهُ الشيخُ ابنُ حَجَر إِنّمَا هو تَحامُلٌ مَحْضٌ على أَئمةِ اللُّغَة عُمُوماً، و على المَجْدِ خُصوصاً، لتَكْرارِه في نِسْبتهم للجَهْلِ في مَواضِعَ كثيرة من كتابه:
التُّحْفَة، على ما مَرَّ ذِكُرُ بَعْضِها. و شَيْخُنا رحمه اللََّه تعالى لمَّا رَأَى سبيلاً للإنكار على المَجْدِ كما هو شِنْشِنَتُه المَأْلُوفَةُ سَكَتَ عنه، و لم يُبْدِ له الانْتِصَارَ، و لا أَدْلَى دَلْوَه في الخَوْضِ، كأَنّه مُرَاعَاةً للاختصار. و اللََّهِ يَعْفُو عن الجَمِيع، و يَتَغَمَّدُهم برَحْمتِه، إِنّه حَلِيمٌ سَتّار.
و التَّعْزيرُ أَيضاً: التَّفْخِيم و التَّعْظِيمُ فهو، ضِدّ ، صَرَّحَ به الإِمامُ أَبو الطَّيِّب في كتاب الأَضداد و غَيْرُه من الأَئمة.
و قيل: بين التَأْدِيب و التَّفْخِيم شِبْهُ ضِدّ. و التَّعْزِيرُ : الإِعَانَة، كالعَزْرِ ، يقال: عَزَرَه عَزْراً و عَزَّرَه تعْزِيراً ، أَي أَعانَه.
و التَّعْزِيرُ : التَّقْوِيَةُ ، كالعَزْرِ أَيضاً. يقال: عَزَرَه و عَزَّرَه ، إِذا قَوّاهُ. و التَّعْزِير : النَّصْرُ بالسيف، كالعَزْرِ أَيضاً، يقال: عزَرَهُ و عَزَّرَه ، إِذَا نَصَرَهُ، قال اللََّه تَعَالَى: وَ تُعَزِّرُوهُ[1] جاءَ في التَّفْسِير: أَي لِتَنْصُرُوه بالسَّيْف: وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ[2]
عَظَّمْتُموهُم. قال إِبراهيمُ بن السَّريّ: و هذا هو الحقُّ، و اللََّه أَعلم، و ذََلك لأَنْ العَزْر في اللُّغَة الرَّدُّ و المَنْعُ، و تأْويل:
عَزَرْتُ فُلاناً، أَي أَدَّبْتُه، إِنّما تأْويلُه فَعلْتُ به ما يَرْدعُهُ عن القَبيح، كما أَنّ نَكَّلْتُ به تَأْويلُه فَعلْتُ به ما يجبُ أَن يَنْكُلَ مَعَهُ عن المُعَاوَدَة، فتَأْويلُ عَزَّرْتُمُوهُم : نَصَرْتُموهم بأَنْ تَرُدُّوا عنهم أَعْداءَهم، و لو كانَ التَّعْزيرُ هو التَّوْقيرَ لكان الأَجْوَدُ في اللّغة الاستغناء به. و النُّصْرَة إِذا وَجَبَتْ فالتَّعْظِيمُ داخلٌ فيها، لأَن نُصْرَةَ الأَنبياءِ هي المُدافَعَةُ عنهم، و الذَّبُّ عن دِينهم، و تَعْظيمُهم و تَوْقيرُهم. و التَّعزيرُ في كلامِ العرَب: التَّوْقير، و النَّصْرُ باللّسان و السَّيْف، و 14- في حديث المبْعَث : قال وَرَقَةُ بنُ نَوْفَل:
«إِنْ بُعِث و أَنا حَيٌّ فسَأُعَزِّرُه و أَنْصُرُه» . التَّعزير هنا:
الإِعانَةُ و التَّوْقِير و النَّصْر مَرَّةً بعد مَرَّة.