أي: من الإِبلِ التي أَلِفَت الرَّمْلَ و اتَّخَذَتْه مأْلَفاً .
و الْمَكَانَ: أَلِفَهُ[1] ، و في الصِّحاحِ: آلَفَ الدَّرَاهِمَ إِيلاَفاً : جَعَلَهَا أَلْفاً أي: كَمَّلَها أَلْفاً فَآلَفَتْ هي صارتْ أَلْفاً و آلَفَ فُلانًا مَكانَ كذا: إذا جَعَلَه يَأْلفُهُ قال الجَوْهَرِيُّ:
وَ يقال أَيْضاً: آلَفْتُ الْمَوْضِعَ أُوْلِفُهُ إِيلاَفا، و كذََلِكَ آلَفْتُ الْمَوْضِعَ أُؤَالِفُهُ مُؤَالَفَةٌ وَ إِلاَفاً ، فصار صورَةُ أَفْعَلَ وَ فَاعَلَ في الْمَاضِي وَاحِدَةً.
و الْإيلاَفُ في التَّنْزِيلِ العَزِيزِ [2] : العَهْدُ و الذِّمامُ و شِبْهُ الْإِجَازَةِ بالْخفَارَةِ، و أَوَّلُ مَن أَخَذَهَا هَاشِمُ بنُ عبدِ مَنَافٍ مِن مَلِكِ الشَّأْمِ كما جاءَ في حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللََّه عنه، و تَأْوِيلُهُ أنَّ قُرَيْشاً [3] كانُوا سُكَّانَ الْحَرَمِ و لم يَكُنْ لهم زَرْعٌ وَ لا ضَرْعٌ آمِنِينَ في امْتَيارِهِمْ [4] ، و تَنَقُّلاتِهِمْ شِتَاءً وَ صَيْفاً، و النَّاسُ يُتُخَطَّفُونَ مِن حَوْلِهِمْ، فَإِذَا عَرَضَ لَهُمْ عَارِضٌ قالُوا: نَحْنُ أَهْلُ حَرِمِ اللََّه، فلا يَتَعَرَّضُ لَهُم أَحَدٌ كما في العُبَابِ، و منه قول أَبِي ذُؤَيْبٍ:
أَو الَّلامُ لِلتَّعَجُّبِ، أي: اعجبوا لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ. و قالبعضُهم: مَعْنَاهَا مُتَّصِلٌ بما بعدُ، المَعْنَى فَلْيَعْبُدْ هََؤُلاَءِ رَبَّ هََذا البيتِ لإِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشَّتَاءِ وَ الصَّيْفِ لِلامْتِيَارِ، و قال بعضُهُم: هي مَوصُولَةٌ بما قَبْلَها، المعنى فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ... لِإِيلاََفِ قُرَيْشٍ ، و هََذا القَوْلُ الأَخِيرُ ذَكَره الجَوْهَرِيُّ، و نَصُّهُ يقول: أَهْلَكْتُ أَصْحابَ الفِيل لِأُولِفَ قُرَيْشاً مَكَّةَ، و لِتُؤْلِفَ قُرَيْشٌ رِحْلَتَيْهَا [6] ، أي تَجْمَعَ بينهما، إذا فَرَغُوا مِن ذِهِ أَخَذُوا في ذِهِ، كما تقولُ: ضَرَبْتُهُ لِكَذَا لِكَذَا، بحَذْفِ الواو انتهى.
وَ قال ابنُ عَرَفَةَ: هََذا قَوْلٌ لا وَجْهَ له مِن وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهِما: أنَّ بينَ السُّورَتَيْنِ بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ ، وَ ذََلِكَ دليلٌ علَى انْقِضَاءِ السُّورةِ، و افْتِتَاحِ الأُخْرَى.
وَ الآخَرُ: أنَّ الإِيلافَ إِنَّمَا هو العُهُودُ التي كانُوا يَأْخُذُونَها إذا خَرَجُوا في التِّجَارَاتِ، فيَأْمَنُونَ بها.
وَ 17- قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : أَصْحابُ الإِيلاَفِ أربعةُ إِخْوَةٍ:
هاشِمٌ، و عبدُ شَمْسٍ، و المُطَّلِبُ، و نَوْفَلٌ، بنو عَبْدِ مَنافٍ، وَ كانو يُؤَلِّفُونَ الجِوَارَ، يُتْبِعُونَ بَعْضَهُ بَعْضاً، يُجِيرُونَ قُرَيْشاً بِمِيرِهِمْ، و كانوا يُسَمَّوْنَ الْمُجِيرِين، و كان هَاشِمٌ يُؤَلِّفُ إلى الشَّأْمِ، و عَبْدُ شَمْسٍ يُؤَلِّفُ إلى الْحَبَشَةِ، و المُطَّلِبُ يُؤَلِّفُ إلى الْيَمَنِ، و نَوْفَلٌ يُؤَلِّفُ إلى فَارِسَ، قال: و كان تُجَّارُ قُرَيْشٍ يختَلِفُونَ إلى هََذِه الأَمْصَارِ بِحِبَالِ هََذِه كذا في النُّسَخِ، و الأَوْلَى هََؤُلاءِ الْإِخْوَةِ الأَرْبَعَةِ فلا يُتَعَرَّضُ لهم، وَ كان كُلُّ أَخٍ منْهُم أَخَذَ حَبْلاً مِن مَلِكِ نَاحِيَةِ سَفَرِهِ أَمَانًا لَهُ فأَمَّا هاشِمٌ فإِنَّهُ أَخَذَ حَبْلاً مِن مَلِكِ الرُّومِ، و أَما عبدُ شَمْسٍ فإِنَّه أَخَذَ حَبْلاً مِن النَّجَاشِيِّ، و أَمَّا المُطَّلِبُ فإِنَّهُ أَخَذَ حَبْلاً مِن أَقْيَالِ [7] حِمْيَرَ، و أَمَّا نَوْفَلٌ فإِنَّهُ أَخَذَ حَبْلاً مِن كِسْرَى.
كُلُّ ذََلِكَ قَوْلُ ابنِ الأَعْرَابِيِّ.
وَ قال أَبو إِسحاق الزَّجَّاج: في لِإِيلاََفِ قُرَيْشٍ ثلاثةُ أَوْجُه: لِئيلاَفِ و لإِلاَفِ و وَجْهٌ ثالِثٌ: لإِلْفِ قُرَيْشٍ ، قال: و قد قُرِىءَ بالوَجْهَيْنِ الأَوَّلَيْنِ.