نام کتاب : تاج العروس من جواهر القاموس نویسنده : المرتضى الزبيدي جلد : 12 صفحه : 471
أَصْبحْتَ؟ فالكافُ هُنا في معنَى علَى، قال ابنُ جِنِّي: و قد يجُوزُ أَنْ تكونَ في معْنَى الباءِ، أي: بخَيْرٍ.
و تكونُ للمُبادرةِ: إذا اتَّصلَتْ بِما، نحو: سلِّمْ كَما تَدْخُلُ، و صلِّ كَما يَدْخُلُ الوَقْتُ. وَ قد تَقَعُ موقعَ الاسمِ، فيدْخُلُ عليها حرفُ الجرِّ، كما قال امْرُؤُ القَيْسِ يصِفُ فَرساً:
و قد تَكُونُ للتَّوْكِيدِ، و هي الزَّائِدةُ بمنزلةِ الباءِ-في خَبِر لَيْس، و في خَبر ما-و مِنْ، و غَيْرِها من الحروفِ الجارَّةِ، نحو قولِه عزَّ و جلّ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[1]
وَ تَفْسِيرُه-و اللََّه أَعلَمُ: -ليس مِثْلَه شيْءٌ، و لا بُدَّ من اعتِقادِ زيادةِ الكافِ ، ليصحَّ المَعْنَى؛ لأَنَّكَ إِن لم تَعْتَقِد ذََلِك أَثْبتَّ له عزَّ اسمُه مِثْلاً، و زَعَمْتَ أَنّه لَيْس كالَّذِي هُو مِثله شيءٌ، فيفْسُدُ هََذا من وجْهيْنِ:
أَحدُهما: ما فِيه من أَثْباتِ المِثْلِ لمَنْ لا مِثْلَ له، عزَّ وَ علاَ علُوًّا كَبيرًا.
و الآخرُ: أنَّ الشَّيْءَ إذا أَثْبتَّ له مِثْلاً فهو مِثْلُ مِثْلِه؛ لأَنَّ الشَّيْءَ إذا ماثَلَهُ شَيْءٌ فهو أَيْضاً مُماثِلٌ لِما ماثَلَه، و لو كانَ ذََلِكَ كذََلك-على فَسادِ اعْتِقادِ مُعْتَقِدِه-لما جازَ أَن يُقال:
لَيْس كمِثْلهِ شيءٌ؛ لأَنَّه تعالَى مِثْلُ مِثْلِه، و هو شَيْءٌ؛ لأَنَّه تباركَ و تَعالَى قد سَمَّى نَفْسه شَيْئاً بقولِه: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهََادَةً، قُلِ اَللََّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ[2] .
فعُلِم من ذََلكَ أنَّ الكافَ في لَيْسَ كَمِثْلِهِ لا بُدّ أَنْ تَكُونَ زائِدَةً، و مثلُه قولُ رُؤْبة:
لَواحِقُ الأَقْرابِ فِيها كالمَقَقْ
وَ المَقَقُ: الطُّولُ، و لا يُقال: في هذَا الشَّيْءِ كالطُّولِ، إِنّما يُقال: في هذَا الشيءِ طُولٌ، فكأَنَّه قالَ: فِيها مَقَقٌ: أي طُولٌ.
وَ قال شيخُنا في قَوْلِه تَعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ قد أَخْرجها المُحقِّقُونَ عن الزِّيادةِ، و جعلُوها من بابِ الكِنايةِ، كما في شُرُوحِ التَّلْخِيصِ و المِفْتاحِ، و التَّفْسِيرَيْنِ، وَ غيرِها.
و تَكُونُ اسْماً جارًّا مُرادِفاً لِمِثْل، أو لا تَكُونُ إلاّ في ضَرُورةٍ، كقَوْلِه:
و قد تَكُونُ ضَمِيرًا مَنْصوباً و مَجْرُورًا، نحو قولِه تَعالى: مََا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ مََا قَلىََ[4] و نَصُّ الصِّحاحِ:
وَ قد تَكُون ضَمِيرًا للمُخاطَبِ المَجْرُورِ و المَنْصُوب، كقولِكَ: غُلامُكَ، و ضَرَبَكَ، زاد الصّاغانِيُّ: تُفْتَحُ للمُذَكَّر، وَ تُكْسَرُ للمُؤَنَّثِ، للفَرْقِ.
و قد تكونُ حَرْفَ مَعْنًى، لاحِقَةً اسْمَ الإِشارَةِ و نصُّ الصِّحاحِ: و قد تَكُونُ للخِطابِ، و لا موضعَ لها من الإِعْرابِ كَذََلِكَ، و تِلْكَ و أُولََئكَ، و رُوَيْدَكَ؛ لأَنَّها لَيْسَتْ باسمٍ هُنا، وَ إِنَّما هي للخِطاب فقط، تُفْتَحُ للمُذَكَّرِ، و تُكسرُ للمُؤَنَّثِ.
و تكون لاحِقَةً للضَّمِيرِ المُنْفَصِلِ المَنْصُوبِ، كإِيّاكَ وَ إِيّاكُما.و لاحِقَةً لبَعْضِ أَسْماءِ الأَفْعالِ، كحَيَّهَلَكَ، و رُوَيْدَكَ، وَ النَّجاكَ[5] .
و تكونُ لاحِقَةً لأَرَأَيْتَ، بمَعْنَى أَخْبِرْنِي، نحو:أَ رَأَيْتَكَ هََذَا اَلَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ[6] و قد بُسِط معانِي « الكافِ » وَ ما فِيها كُلُّه في المُغْنِي و شُرُوحِه، و أَوردَ الشيخُ ابنُ مالِكٍ أَكثَرَها في التَّسْهِيل عن اللِّحْيانِيّ.