انتهى، قلت: الصحيحُ أَنه قَوْلُ زَيْدٍ بن تُرْكٍ الدُّبَيْرِيّ [1] ، و يقال: إِن المراد بالقُرَّاء هنا من القِرَاءَةِ جَمعُ قارِئٍ ، و لا يكون من التّنَسُّكِ، و هو أَحسنُ، كذا في لسان العرب [2] ، و قال ابنُ بَرِّيٍّ: صوابُ إِنشاده «بَيْضَاءَ»بالفتح، لأَن قَبْلَه:
و لَقَدْ عَجِبْتُ لِكَاعِبٍ مَوْدُونَةٍ # أَطْرَافُها بِالحَلْي وَ الحِنَّاءِ
قال الفَرّاءُ: يقال: رجلٌ قُرَّاءٌ ، و امرأَةٌ قُرَّاءَةٌ ، و يقال:
قرأْتُ ، أَي صِرْتُ قارِئاً نَاسِكاً. 17- و في حديث ابنِ عبَّاسٍ :
أَنه كان لا يَقْرَأُ في الظُّهْرِ و العَصْرِ. ثم قال في آخره: وَ مََا كََانَ رَبُّكَ نَسِيًّا[3] . معناه أَنه كان لا يَجْهَر بالقِراءَة فيهما، أَو لا يُسْمِعُ نَفْسَه قِراءَتَه ، كأَنَّه رَأَى قَوْماً يَقْرَءُونَ فَيُسمعونَ نُفوسَهم و مَن قَرْبَ منهم، و معنى قوله وَ مََا كََانَ رَبُّكَ نَسِيًّا يريد أَن القِراءَةَ التي تَجْهَرُ بها أَو تُسمعها نَفْسَك يَكْتُبُها المَلَكانِ، و إِذا قَرأْتَها في نَفْسِك لمْ يَكْتُبَاها و اللّهُ يَحْفَظُها لَكَ و لا يَنْسَاها، لِيُجَازِيَكَ عَلَيْها.
14- و في الحديث : «أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُها ». أَي أَنهم يَحْفظون القُرآن نَفْياً لِلتُّهَمَةِ عن أَنفسهم و هم يَعْتَقِدون تَضْيِيعَه. و كان المُنافقون في عصرِ النبيِّ صَلّى اللّه عليه و سلّم كذلك [4]
[ كالقارِئِ و المُتَقَرِّئِ ] [5] ج قُرَّاءُون مذكر سالم و قَوَارِيءُ كدَنَانِير و في نسختنا قَوَارِئ فَوَاعِل، و جعله شَيْخُنا من التحْرِيف.
قلت إِذا كان جمعَ قارِئ فلا مُخالفة للسَّماع و لا للقِياس، فإِن فاعِلاً يُجمع على فَوَاعِلَ [6] . و في لسان العرب قَرائِئ كحَمَائِل، فَلْيُنْظَر. قال: جاءُوا بالهمزة في الجَمْعِ لما كانت غَيْرَ مُنقلبةٍ بل موجودة في قَرَأْتُ .
و تَقَرَّأَ إِذا تَفَقَّهَو تَنَسَّك و تَقَرَّأْتُ تَقَرُّؤاً في هذا المعنى.
و قَرَأَ عليه السَّلامَ يَقْرَؤُه : أَبْلَغَه، كَأَقْرَأَه إِيَّاه، 14- و في الحديث : أَنّ الرَّبَّ عَزَّ و جَلَّ يُقْرِئُكَ السَّلاَم.أَوْ لا يقال أَقْرَأَه السَّلامَ رُبَاعِيّاً مُتعَدِّياً بنفْسِه، قاله شيخُنا. قلت: و كذا بحرْفِ الجرّ، كذا في لِسان العرب إِلاَّ إِذَا كان السلامُ مَكْتوباًفي وَرَقٍ، يقال [7] : أَقرأ فُلاناً السَّلاَمَ و أَقْرَأَ عليه السَّلامَ، كأَنه من يُبَلِّغُه [7] سَلامه يَحْمِلُه على أَن يَقْرَأَ السَّلاَم و يَرُدَّه. قال أَبو حَاتمٍ السِّجستانيّ: تقول: اقْرَأْ عليه السَّلاَمَ و لا تقول أَقْرِئْه السَّلاَمَ إِلاَّ في لُغَةٍ، فإِذا كان مَكتوباً قلتَ أَقْرِئْهُ السَّلامَ، أَي اجْعَلْه يَقْرَؤُهُ . في لسان العرب: و إِذا قَرأَ الرّجُلُ القُرآنَ و الحديثَ على الشيْخِ يقول: أَقْرَأَنِي فُلانٌ، أَي حَمَلَني على أَنْ أَقْرَأَ عليه.
و القَرْءُ و يِضَمُيُطلَق على: الحَيْضُ، و الطُّهْرو هو ضِدٌّ و ذلك لأَن القُرْءَ هو الوَقْتُ. فقد يكون للحَيْض، و للطُّهْرِ، و به صرَّح الزَّمَخْشَرِيّ و غيرُه، و جَزم البَيْضاوِيّ بأَنّه هو الأَصل، و نقله أَبو عمرو، و أَنشد:
يُريد وَقْتَ نَوْئِها الذي يُمْطَرُ فيه النَّاسُ، و قال أَبو عُبيدٍ:
القَرْءُ يَصلُح للحَيْضِ و الطُّهر، قال: و أَظنُّه من أَقْرَأَتِ النُّجومُ إِذا غابت. و القُرْءُ : القَافِيَةُقاله الزمخشري ج أَقْرَاءٌ و سيأْتي قريباً و القرْءُ أَيضاً الحُمَّى، و الغائب، و البَعِيد [8]
و انقضاءُ الحَيْض و قال بعضهم: ما بين الحَيْضَتَيْنِ. و قَرْءُ الفَرَسِ: أَيَّامُ وَدْقِهَا أَوْ سِفَادِهَا، الجمع أَقْرَاءٌ و قُرُوءٌ و أَقْرُؤٌ الأَخيرة عن اللّحيانيّ في أَدنى العدد، و لم يَعرِف سِيبويهِ أَقْراءً و لا أَقْرُؤاً ، قال: استغنَوْا، عنه بِقُرُوءٍ . و في التنزيل:
ثَلاََثَةَ قُرُوءٍ[9] أَراد ثَلاثةً من القروءِ كما قالوا خَمْسَةَ كِلاَبٍ يُراد بها خَمْسَة من الكِلاَبِ و كقوله: