نام کتاب : تاج العروس من جواهر القاموس نویسنده : المرتضى الزبيدي جلد : 1 صفحه : 17
و قد تحدثنا فيما تقدم عن مناهج و سنن و طرق هذه الأنظمة و المدارس، و تطرقنا إلى دراسة موجزة عن أهم منجزات أئمة لغويي هذه الأنظمة و خصائصها و آثارها. قال الصاحب بن عباد: و غالب هذه الكتب لم يلتزم مؤلفوها الصحيح، بل جمعوا فيها ما صح و غيره، و ينبهون على ما لم يثبت غالبا [1] .
و أول من التزم الصحيح مقتصرا عليه الإمام أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري، و لهذا سمى كتابه الصحاح.
و الجوهري يعتبر بحق صاحب مدرسة خاصة به حيث ابتكر في التأليف المعجمي منهجا قرّب اللغة إلى الباحثين و يسّر لهم السبيل إلى الكلمة التي يقصدون [2] .
و نظام هذه المدرسة ترتيب المواد على حروف المعجم باعتبار آخر الكلمة بدلا من أولها ثم النظر إلى ترتيب حروف الهجاء عند ترتيب الفصول، و الأول سماه بابا، و الثاني: فصلا.
يقول د. اميل يعقوب [3] : و لا نظن أن الجوهري، و هو الإمام في اللغة إلا و قد اطّلع عليها (أي على الأنظمة اللغوية التي سبقته) جميعا، أما سبب عزوفه عنها و إيثاره نظام القافية الذي يرتب الكلمات حسب أواخر أصولها... فيعود إلى سبب أو أكثر من الأسباب التالية:
1-أنفة الجوهري من أن يكون تابعا لأحد في منهج التأليف المعجمي، و رغبته في أن يضع منهجا جديدا ينسب إليه.
يقول الجوهري في خطبته [4] : «قد أودعت هذا الكتاب ما صح عندي من هذه اللغة التي شرّف اللّه منزلتها، و جعل علم الدين و الدنيا منوطا بمعرفتها، على ترتيب لم أسبق إليه، و تهذيب لم أغلب عليه.. ».
2-المساعدة على نظم الشعر الذي يتطلب وحدة القافية، و على كتابة النثر الفني.
3-الطبيعة الاشتقاقية للغة العربية حيث نجد أن الحرف الأخير في الكلمة، و بخاصة لام الفعل، أكثر ثباتا من سائر حروفه.
4-وجود أكثر الألفاظ التي تحتاج إلى شرح في قوافي القصائد التي ينتهي رويها بحرف