فترك المُؤلّف هذه المادَّةَ المتَّفَقَ عليها و ذكر ما اختُلِف في صِحَّتها و إِعلالها، و هو عَجبٌ منه رحمه اللّه تعالى.
وعن الأَصمعي جاءَ يَرْنَأَ في مِشْيَتِه: يَتَثَاقَلُ و الْيَرُنَّأُ بفتح الياء و ضم الراء و النون مشدَّدة [1] كذا هو مضبوط عندنا، و كذا اليَرْنَأُ كيَمنَع، و اليُرْنَأُ بضم فسكون و همز الأَلف [2] : اسم للحِنَّاء، قال ابن جنى: قالوا: يَرْنَأَ لِحْيَتَه: صَبَغَها بِاليرناءِ و قال: هذا يَفْعَلَ في الماضي، و ما أَغربَه و أَظْرَفَه [3] ، كذا في لسان العَرَب، سيأْتي في فَصْلِ الياءإِشارة إِلى أَن ذِكرها في الرَّاء بناء على أَن الياءَ زائدةٌ ليست من الأَصالة [4] و لكن ذكر أَبو حَيَّان زِيادَتها، و استدلُّوا له بحذف الياء في اشتقاق الفِعل، قالوا رَنَأَ رَأْسَه، إِذا جعل فيه اليرنأَ ، قاله شيخُنا. قلت: و قد دلَلْناكَ على نَصّ الأُمّهات من قول ابنِ جِنّي في استعمال الفعلِ الماضي، فاعتَمِدْ عليه و كن من الشاكرين.
رهأ [رهأ]:
الرَّهْيَأَةُ في الأَمر: الضَّعْفُو العَجْز و التَّوانيقاله ابنُ شُمَيْلٍ وقال الليث أَن تَجعلَ أَحَدَ العِدْلَيْن أَثقَلَ من الآخرِتقول: رَهْيَأَ الحِمْلَ، و هو الرَّهْيَأَةُ و رَهْيَأْتَ حِمْلَكَ رَهْيَأَةً ، و أَنْ تَغْرَوْرِقَ العَيْنَانِ جَهْداً أَوْ كِبَراً[5] قال الليث أَيضاً: و عيناه تَرَهْيَآن لا يَقَرُّ طَرْفَاهُمَا و أَنشد:
وعن أَبي زيد: الرَّهْيَأَةُ : أَنْ يُفْسِدَ رَأْيَه و لا يُحْكِمَهُ يقال: رَهْيَأَ رأْيَه رَهْيَأَةً : أَفْسَدَه فلم يُحْكِمْه، و كذلك رَهْيَأتَ أَمْرَك إِذا لم تُقَوِّمْه، و هو أَيضاً التخليطُ في الأَمرِ و تَرْكُ الإِحكام، يقال: جَاءَنَا بأَمْرٍ مُرَهْيَاءٍ ، و قال أَبو عُبيْدٍ: رَهْيَأَ في أَمرِه رَهْيَأَةً إِذا اختلَطَ فلم يَلْبَثْ [7] على رَأْيٍ، و يقال للرجل إِذا لم يُقِمْ على الأَمر و جَعل يَشُكُّ و يتردَّد: قد رَهْيَأَ و أَنْ يَحْمِلَالرجلُ حِمْلاً فَلاَ يَشُدَّه و هو يَمِيلُو في بعض النسخ: فهو يَمِيل. و رهْيَأَ الحِمْلَ: جعل أَحَد العِدْلَيْنِ أَثقَلَ من الآخر، و قال أبو زيد: رَهْيَأَ الرجلُ فهو مُرَهْيِئٌ ، و ذلك أَن يَحْمِل حِمْلاً فلا يَشُدَّه بالحِبالِ فهو يَمِيل كُلَّما عَدَلَه.
و تَرَهْيَأَ فيه: اضطرَبَ و ترهْيَأَ الشيءُ: تَحَرَّك، والرجلُ تَرَهْيَأَ في مِشْيتِهِ: تَكَفَّأَو الذي في الأُمهات: و المرأَة تَرَهْيَأُ في مِشْيَتِها: تَكَفَّأُ تَكَفُّؤَ [8] النَّخْلَةِ العَيْدَانَةِ و تَرَهْيَأَ السَّحَابُ إِذا تَحرَّكَ و تَهَيَّأَ للمطَرِ، كَرَهْيَأَ يقال: رَهْيَأَت السحابةُ و تَرهْيَأَت : اضطربتْ، و يقال: رَهْيَأَةُ السَّحابةِ: تَمَخُّضُّها وَ تَهيُّؤُها للمطَرِ، و في حديث ابن مسعودٍ أَن رجلاً كان في أَرضٍ له إِذا مَرَّتْ به عَنَانَةٌ تَرَهْيَأُ ، فسَمع فيها قائلاً يقول:
و قال الأَصمعيّ: تَرَهْيَأُ ، يعني أَنَّها قد تَهَيَّأَتْ للمطر فهي تُرِيد ذلك [9]وعن أبي عُبيدٍ: تَرهْيَأَ في أَمْرِهإِذا هَمَّ به ثم أَمسَكَعنه و هو يُرِيد فِعْلَه. و رَهْيأَ في أَمرِه: لم يَعْزِمْ عليه.
روأ [روأ]:
رَوَّأ ، على الهمز اقتصر في الصحيح [10] . و تبعه أَكثر شُرَّاحه، قال ابنُ دُرُستويه في شَرْحه: أَصل رَوَّأْتُ الهمز، وَ تَرْكُ الهمزِ فيه جائزٌ، قاله شيخنا، و في لسان العرب: قالوا رَوَّأَ ، فهمزوه على غيرِ قياسٍ، كما قالوا حَلَّأتُ السَّوِيقَ، و إِنما هو من الحَلْوَاءِ [11] ، و رَوَّى لُغَةٌ.
قلت: و قد ذكره المؤلف كغيره في المعتلّ في الأَمرِ تَرْوِئَةً على إِلحاق فِعْل المهموز بفعْلِ المعتلّ كَزكَّى تَزْكِيةً، و كثيراً ما عاملوا المَهموز معاملةَ المُعتَلِ و تَرْوِيئاً على القياس: نَظَر فيه و تَعَقَّبَهكذا في سائر النسخ الموجودة بأَيدينا، و هكذا في لسان العرب و غيره، و معناه أَي رَدَّد فيه