النهي و إن كان حقيقته الزجر عن وجود الطبيعة و لكن ينتزع العقل من النهي الأمر بالنقيض و هو عدم الطبيعة، لكن لا بمعنى أنّ هذا عين النهي و لا أنّ هذا مغاير له بل هو متحد معه بنحو من أنحاء الاتحاد و ينتزع ذلك منه عقلا؛ و لكن لا يفيد ذلك لإجراء البحث المذكور، فإنّ الأمر المنتزع عن النهي ليس متعلقه إلّا عدم الطبيعة و لا يقيد بكونه عدم الخاص أي عدم الطبيعة الملازم للرغبة إلى الوجود؛ لأنّ نقيض الوجود العدم المطلق لا المقيد. و الحاصل: أنّ النهي لا يتحد مع الكف أصلا حتى يأتي النزاع المذكور، فتدبر.
تقسيم النهي إلى التعبدي و التوصلي
يمكن أن يقال بإمكان تقسيم النهي إلى التوصلي و التعبدي [1] لو قيل بأنّ مفاد النهي هو طلب ترك الطبيعة، فإنّه كما يمكن طلب تركها مطلقا، كذلك يمكن طلب تركها مقيدا بقصد القربة. و أمّا بناء على ما اخترناه من كون مفاده الزجر عن الوجود [2]، فلا يصح هذا التقسيم [3].
[3]. أقول: وجه ذلك على ما يخطر بالبال: أنّ كون المنهي عنه تعبديا يتوقف على جواز الإتيان به و صحة التعبد به بإتيانه بقصد القربة، و تعلق الزجر بما يكون كذلك غير معقول و لا معنى له.
و بعبارة اخرى: كون المزجور عنه مثل شرب الخمر تعبديا موقوف على جواز الإتيان-