كلّ أمارة ظنّيّة؛ لأنّ كلّ خبر منها حينئذٍ يكون مظنون المطابقة، فإذا جمعناها يكون عدد ما يتطابق منها مع الواقع أكثر من النصف، و هذا معنى غلبة المطابقة للواقع، وعليه: فلا بدّ في مقام التخلّص من هذا الإشكال من أحد أمور:
الأمر الأوّل: هو أنّه إمّا أن يُقال ملاك الحجّيّة هو درجة عالية من الغلبة كما أشرنا إليه، و هذه الدرجة من المطابقة ليست مستنبطة بحساب الاحتمالات، بل من علم الله تعالى، و هذا ميّز خبر الثقة عن غيره من الأمارات.
الأمر الثاني: هو أن ننكر المقدّمة الثالثة و نقول: إنّ الشهرة توجب ظنّاً مساوياً للظنّ الخبريّ.
الأمر الثالث: هو أن نتنازل عن كلٍّ من هذين الأمرين و نقول: بأنّ المولى إنّما يجعل الحجّيّة و الأماريّة و الحكم الظاهريّ من أجل التزاحم بين ملاكات الأحكام الواقعيّة من أجل الحفظ كما عرفت، و حينئذٍ: قد يُفرض أنّ المولى قدّر بأنّ المقدار الذي أصابه من الأحكام الإلزاميّة بلحاظ خبر الواحد يكفي في مقام التزاحم، فيرفع اليد في غير موارد الخبر الواحد عن بقيّة الأمارات و يبقى الأصول على حالها؛ فإنّ التزاحم بين الملاكات الإلزاميّة و الترخيصيّة، فلعلّ الإلزاميّة لا تقتضي التقديم إلّا بمقدار دائرة خبر الواحد فقط، و حينئذٍ: تبقى الأصول العمليّة في غير هذه الدائرة.
و هذا هو حلّ هذه المغالطة الذي يريد أن يستدلّ بها على حجّيّة المماثل من دليل حجّيّة مماثلة، و بهذا اتّضح أنّه لا دليل خاصّ على حجّيّة الشهرة، و بهذا تمّ الكلام في الشهرة.