و أمّا أنّ هذا هو المتيقّن منها، فهذا صحيح، لكن وجود القدر المتيقّن لا يمنع التمسّك بالإطلاق و إجراء مقدّمات الحكمة، خصوصاً و أنّ هذا المتيقّن هو متيقّن من الخارج.
إذن، فالإطلاق محكّم، و هو دليل اجتهاديّ على عدم الحجّيّة.
الوجه الثالث: لتأسيس الأصل:
هو ما يظهر من كلمات الشيخ (قده) من التمسّك بما دلّ على حرمة الإسناد إلى المولى تعالى، و الإفتاء بلا علم، كما في قوله تعالى: قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ[1]، فنسبة شيءٍ إلى المولى بلا علم حرام، فهذه الأدلّة تمسّ: الشيخ (قده) بإطلاقها لإثبات عدم حجّيّة مشكوك الحجّيّة.
و هذه الأدلّة غير الأدلّة السابقة، فتلك تنهى عن العمل على وفق الظنّ و الجري على طبقه، و لذا كان ذلك النهي إرشاداً إلى عدم الحجّيّة، فمدلوله المطابقيّ هو عدم الحجّيّة.
و أمّا دليل حرمة الإسناد بلا علم، فهذا الدليل مفاده حرمة تكليفيّة نفسيّه؛ لأنّ تشريع، و من هنا، لا بدّ للمتمسّك بمثل هذه الأدلّة أن يدّعي أنّ جواز الإسناد ملازم مع الحجّيّة، و هذا الدليل يدلّ بالمطابقة على عدم جواز الإسناد، فيدلّ بالالتزام على نفي الحجّيّة؛ لأنّ الدليل على نفي أحد المتلازمين دليل على نفي ملازمه.
و على هذا الأساس، يقع الكلام حول هذه الصيغة، في عدّة نقاط:
النقطة الأُولى: هي أنّ جواز الإسناد هل هو ملازم مساوٍ للحجّيّة لكي يتمّ الاستدلال أو لا؟ إذ من الواضح: أنّه إذا لم يكن ملازماً