لكن يبقى سؤال و هو، أنّه ما هي تلك القرينة الحكمية التي تثبت أنّ المحدّد النوعي هو أوسع المحدّدات دون غيره.
2- التقريب الثاني: و مرجعه إلى إنكار جريان مقدمات الحكمة في المقام، حتى بالنحو الذي تجري فيه في مثل أحلّ اللّه البيع.
و بيانه مبنيّ على ما تقدم، من أنّ هيئة الجمع موضوعة بنحو الوضع العام و الموضوع له الخاص، يعني أنّ الموضوع له هو كلّ كثرة كثرة من الكثرات المتغايرة بالمحدّدات النوعية و الكمية، و بناء عليه، لو فرضنا، أنّ لفظ «العلماء» في قولنا: «أكرم العلماء»، لا دلالة فيه على العموم، فحينئذ نبقى مردّدين بين إرادة هذه الكثرة ذات المحدّد النوعي الأضيق، و بين إرادة تلك الكثرة ذات المحدّد النوعي الأوسع، و هذا يصير من باب الإجمال اللفظي، لأنّ استعمال اللفظ في كلّ منها على نحو الحقيقة، و يكون من قبيل المشترك اللفظي إذا استعمل في أحد معنييه دون قرينة معينة لذلك، و مجرد ذلك لا يعني أنّه استعمل في المعنى الأوسع، و مقدمات الحكمة لا تجري حينئذ لأنّه ليس من شأنها تعيين أحد معنيي المشترك.
بينما لا إشكال في استفادة الإطلاق، و لا منشأ لذلك إلّا كون الجمع المعرّف «باللام» موضوعا للعموم.
و الجواب عن هذا الوجه هو، أنّه في الوضع العام و الموضوع له الخاص، يحتاج دائما إلى أن يتصور الواضع عند الوضع عنوانا كليا يجعله مرآة و حاكيا عن الأفراد، و يضع بواسطته اللفظ لها، و هذا العنوان الكلّي المتصوّر على قسمين:
أ- القسم الأول: هو أنّه تارة يكون بنفسه مصداقا لنفسه.
ب- القسم الثاني: هو أن لا يكون كذلك، و هذا ليس بأمر غريب، فقد تقدّم في المنطق، انّ بعض المفاهيم تكون بنفسها مصداقا لنفسها، كمفهوم الكلّي، فإنّه بنفسه كلّي و مصداق لنفسه.