إذن فالأوامر و النواهي كما تصدر من المولى العالي، تصدر من العبد الداني.
النقطة الثانية: هي إنّ ربط المدلول اللغوي لصيغة الأمر و النّهي، و كون مدلول النّهي هو اعتبار حرمان المكلّف، لا اعتبار الترك، في ذمته، أقول ربط كل هذا، لمذهب أهل العدل، لا رابط له، و لا أثر له.
لأنّنا نتكلم في المدلول اللغوي لصيغة «افعل و لا تفعل»، و حينئذ لا معنى للاستدلال على مدلول لغوي وضعي، بأحد مذاهب الكلام التي ظهرت مؤخرا عند المسلمين.
النقطة الثالثة: هي إنّه حتى لو أخذنا بمذهب أهل العدل في تبعية الأحكام للمصالح و المفاسد، فإنّ ذلك لا يقتضي و لا يعيّن لنا أنّ الاعتبار في جانب النواهي، هو اعتبار المكلّف محروما من الفعل، إذ كما أنّ اعتبار المكلف محروم من الفعل، مناسب لجانب النواهي، كذلك اعتبار عدم الفعل و تركه في ذمة المكلّف، مناسب لها أيضا. إذ كلتا الطريقتين صالحة ليسلكها المولى في تبعيد المكلّف عن الفعل، غاية الأمر أنّ الطريقة الأولى أنسب، لكن متى كانت الأنسبية دليلا على الوضع اللغوي و أن الواضع قد لاحظ هذه الطريقة دون تلك.
الكلمة الثالثة: في أنّه ما هو المختار عندنا؟
و حينئذ يقال: إنّ ما قيل في الكلمة الأولى، من التمييز بين مفاد صيغة «افعل و لا تفعل»، صحيح.
فإن صيغة «افعل»، تدل هيئتها على النسبة الإرسالية دلالة وضعية تصورية، و هيئة «لا تفعل» تدل على النسبة الزّجريّة و الردعيّة دلالة وضعية تصورية.
كما أنّه صحيح ما قيل، من أنّ لهما دلالة تصديقيّة، تكشف في