بأن المولى أراد بكلامه إمضاء الطريقة العقلائية في بيان الأسباب و تحديدها، فكأنه ينعقد لكلامه ظهور عرفي في مدلول إضافي ثانوي، و هو إمضاء طريقة العقلاء و الرجوع إليهم في تمييز و تحديد السبب الصحيح، و حينئذ يتمسك بهذا الإطلاق اللبّي، لتصحيح تمام ما يشك في صحته إذا كان صحيحا عند العقلاء.
و هذا التقريب يمكن مناقشته، لأن كلام المولى و إن كان مجملا، لكنه على إجماله ليس لغوا محضا إذ يفيد في المقام، تصحيح القدر المتيقن من الأسباب، إذ أننا نعلم من الخارج صحة البيع اللفظي المشتمل على الإيجاب و القبول و الموالاة الصادر من البالغ الراشد الطيب النفس على تقدير حكم الشارع بالصحة، إذن فلا معنى للقول بأنه لأجل عدم اللغوية نلتزم بإعطاء كلام المولى، مدلولا إضافيا، و هو إمضاء الطريقة العقلائية، بل لا لغوية في كلامه حتى مع عدم إعطائه هذا المدلول الإضافي، نعم غاية الأمر أنه لا بدّ من الاقتصار على القدر المتيقن من الأسباب، و بهذا ترتفع اللغوية و لا تكون قرينة لإلباس الكلام مدلولا إضافيا. فهذا التقريب للإطلاق اللبي غير تام.
النحو الثاني:
و هو ما يسمّى بالإطلاق المقامي، بأن يقال، بأن المولى في مقام بيان ما هو الصحيح عنده، لأنه لا يشرّع الأحكام لتبقى في ضمير الغيب، و إنما هو في مقام إيصالها إلى العباد لجريانهم على طبقها، و يقال بأن المولى بعد فرض أنّ ظاهر حاله هو أنه في مقام بيان ما هو الصحيح عنده، و نلتفت خارجا، فنرى أن المولى لم يبين ذلك، و إنما قال أحلّ اللّه البيع، دون التعرض إلى ما هو الصحيح عنده بحدوده و شرائطه، فيستكشف من ذلك، بأن مقتضى عدم بيان شيء مخصوص، هو الحوالة على العرف العقلائي في مقام بيان مرامه و تشخيص ما هو الصحيح عنده.
و هذا التقريب يختلف عن سابقه لأنه لا يدّعى هنا لغوية الخطاب، و إنما يدّعى ظهور حالي للمولى، و هو ظهور حاله أنه في مقام بيان ما هو الصحيح