فرض جزء آخر فيه ينضم إليه ليتكون به هذا الفصل، و هكذا حتى يتسلسل و تتركب الماهية من أجزاء لا متناهية، فهذا برهان على استحالة الجنسية العالية لمفهوم الشيء.
أضف إلى ذلك، أن الشيء لو كان جنسا عاليا، إذن فعلى كل حال، يلزم محذور دخول الجنس في الفصل، سواء قلنا بالبساطة أو بالتركب، و ذلك لأن الشيء إذا كان جنسا عاليا و يصدق على أفراده صدقا ذاتيا، و فرضنا أن الفصل أمرا بسيطا و هو عبارة عن المبدأ فقط دون الذات، فالمبدأ بذاته مصداق لمفهوم الشيء، إذن فيلزم من ذلك دخول الجنس في الفصل على كل حال، و لا رادّ لهذه المغالطة. إلّا أن يبرهن على عدم جنسية الشيء كما مر، و على هذا، فمحذور دخول الجنس في الفصل غير وارد أصلا.
المحور الثاني:
و أما أصل الصيغة، و هو أن دخول مفهوم الشيء في ناطق يلزم منه دخول العرض العام في الفصل، و هو محال، بناء على أن كلمة ناطق، قد اتخذت فصلا بمالها من المعنى اللغوي و العرفي، و لكن هذا البناء هو عين المتنازع فيه، فمن قال بأن المناطقة قد اعتبروا كلمة ناطق فصلا بما لها من المعنى اللغوي و العرفي؟. بل نقطع بعدم ذلك، لأنه لا بدّ لتصوير فصلية ناطق من التصرف في مادتها و هي «النطق»، لوضوح أن النطق لغة و عرفا يراد به التكلم، أو بنحو من العناية، يراد به الإدراك، و كلا الأمرين ليس فصلا، و ليس ذاتيا للإنسان، فلا التكلم الذي هو من مقولة الكيف المسموع، و لا الإدراك الذي هو من مقولة الكيف النفساني ذاتي للإنسان، بل هما عرضان، و ما هو أمر ذاتي للإنسان مثلا، هو مبدأ الإدراك و النطق و نفس النطق و الإدراك، إذن ففصلية ناطق، تتوقف على التصرف في مادة النطق، و حمل النطق على غير معناه العرفي بل على مبدأ النطق، و بعد التصرف بمادة الكلمة لتصبح فصلا، فلما ذا يستبعد التصرف في الهيئة أيضا!، إذ لعلّ المناطقة كما تصرفوا في المادة هم تصرفوا في الهيئة، و لو فرض عدم تصرفهم في الهيئة بحيث لم