أن يقال بأن صحة الإطلاق مع عدم التلبس الفعلي ناشئ من التوسع في مدلول مادة المشتق بمعنى أن المادة أريد بها في المقام، الحرفة و الصناعة، و لم يرد بها الفعلية، ففي الحرفة مثلا، نرى أنه يصح إطلاق كلمة صائغ على هذا الإنسان، مع أنه لا يباشر فعلا عملية الصياغة، و إنما يصح ذلك باعتبار أن الصياغة التي هي مبدأ الاشتقاق في صائغ، بمعنى الصناعة و الحرفة، و تلبسه بالحرفة فعلي لا محالة، فيكون ذلك من استعمال المشتق في المتلبس بالفعل لأنه متلبس بالفعل بحرفة الصياغة.
و ما يمكن أن يقوله الأعمي لإبطال هذا الوجه، هو أن يقال، بأن المادة لو كان مدلولها هو الحرفة و الصناعة للزم أن يكون هذا المدلول مدلولا للمادة حينما تعرض عليها سائر الهيئات الأخرى، لأن المادة واحدة موضوعة بوضع واحد نوعي، فمثلا، «صاغ و يصوغ» مادتهما واحدة، وضعت لمدلولها و هو الصنعة و الحرفة، مع أننا نرى بالوجدان أن الصياغة في ضمن «صاغ و يصوغ» تدل على الحدث، و نفهم من ذلك التلبس الفعلي بالصياغة، إذن فالصياغة لم تكن بمعنى الحرفة و الصناعة، و إلّا للزم أن تكون بهذا المعنى في تمام المشتقات بناء على الوضع النوعي الواحد.
الوجه الثالث:
أن يقال، بأننا لو سلّمنا بأن المادة أريد بها العملية، لا الحرفة و الصناعة، و لكن الهيئة موضوعة للمتلبس بالتلبس الشأني لا بالتلبس الفعلي، فالتصرف في مدلول الهيئة لا المادة، و لكن لا بحملها على المتلبس و المنقضي، بل بتوسعة دائرة التلبس.
فنقول بأن المراد من التلبّس الملحوظ في هيئة «صائغ»، هو الأعم من التلبس الفعلي و التلبس الشأني، و حينئذ، يصح في المقام إطلاق «صائغ» على