و هذا يرد عليه ما أورده صاحب الكفاية (قده)[1] و حاصله: إنّ الحيثية المصحّحة للإطلاق دائما مطردة في الحقيقة، و في المجاز. ففي موارد المجاز: الحيثية المصححة للإطلاق ليست هي طبيعي المشابهة، حتى يقال بأنها ليست مطردة، بل هي المشابهة بدرجة مخصوصة في أظهر الصفات، و هذه الحيثية مطردة التصحيح. فالإطراد في الحيثية المصححة ليست من مختصات المعنى الحقيقي، ليكون علامة على الحقيقة.
الوجه الرابع: إنّ المراد بالاطّراد هو الإطراد في الاستعمال بلا قرينة، بمعنى أن أبناء اللغة حينما يستعملون لفظ «الأسد»، و يريدون به الحيوان المفترس، مع التأكد من عدم نصب القرينة في تمام تلك الاستعمالات، حينئذ يجعل هذا الإطراد علامة على الحقيقة.
و الفرق بين هذا الوجه و الوجه الثاني هو: إن في الوجه الثاني كان يقال إن الإطراد في الاستعمال يكشف عن أنّ الاستعمال بلا قرينة. أما هنا فنقول:
بأن العلامة هي الإطراد في الاستعمال الذي أحرزنا قبلا أنه بلا قرينة، و حينئذ نقول، إذا اطّرد استعمال اللفظ في المعنى المخصوص بلا قرينة مرارا عديدة، فهذا علامة على أن هذا هو المعنى الموضوع له، و ذلك لأنه إذا فرض في مورد واحد استعمل اللفظ، و أريد به المعنى المخصوص، و لم ينصب قرينة على ذلك، فحينئذ يقال بأن الاستعمال أعم من الحقيقة، فلعلّ المستعمل في هذا المورد أراد المعنى المجازي، لأنّ غرضه قد تعلق بالإجمال، و لهذا لم ينصب قرينة. و لكن إذا فرض تكرر هذا المطلب بحيث كان ديدنا و طريقة لأبناء اللغة، بحيث يستعملون لفظ «الأسد» في المعنى المخصوص، دون أن ينصبوا قرينة على ذلك، فحينئذ الأمر يدور بين احتمالين:
إما أن يكون لفظ «الأسد» موضوعا للحيوان المفترس، و لهذا استغنوا عن القرينة.