يشكّل قرينة على أنّ المقصود هو الإشارة إلى سنخ قاعدة عقلية مفروغ عن صحتها في نفسها و ليس الإشارة إلى قاعدة شرعية تأسيسيّة حيث إنّ ذلك ليس مناسباً مع مقام الاختصام و الاحتجاج على الكفار، و ما يمكن أن يكون قاعدة مفروغاً عن صحتها إنّما هو عدم إمكان التعويل على الظن و جعله مستنداً بما هو ظن لا عدم جعل الحجية له شرعاً أو عقلائياً، و معه يكون دليل الحجية وارداً على الآيتين معاً.
أضف إلى ذلك أنّ قوله تعالى: إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً* مدلوله المطابقي إنّما هو بيان صغرى، أنّ الظن لا يغني في التوصّل إلى لب الواقع و الحق، لأنّه يخطئ، فإذا ضمّ إلى هذه الصغرى، كبرى أنّ المطلوب هو التوصّل إلى لبّ الواقع و الحقّ، أنتج أنّ النهي عن التعويل على الظن إنّما هو في أصول الدين دون فروعه، فإنّه لا يمكن اقتناص النهي عن الفروع من هذه الآية، لا منها وحدها و لا من ضم الكبرى إليها كما عرفت، فإنّ الكبرى المقدرة لا تكون أكثر من المقدار الّذي تقدّم، و معه لا يتمّ للآية إطلاق لغير أصول الدّين، وعليه فالاستدلال بالآيتين غير تام.
ثمّ كان لكلّ من الميرزا و الآخوند (قده) تعليقه في المقام.
أمّا تعليق الميرزا (قده)[1] فحاصله: هو أنّه بعد أن سلّم بدلالة هاتين الآيتين على النهي عن العمل بالظن، ذكر أنّ دليل حجية خبر الواحد يكون حاكماً عليهما، و ذلك لأنّ النهي في الآية انصبّ على عنوان الظن، و دليل الحجية مفاده جعل الطريقية، أي جعل الظن علماً تعبداً، حينئذٍ، فدليل حجية خبر الواحد يقول: هذا الظن علم بالجعل