و كذلك يصير المرء عبد أمله و عبد سلطانه و عبد ماله و عبد ولده، فما تحقق بالعبودية للّه إلا من استخلص قلبه له، فكان قلب المؤمن الذي وسعه، كما قال تعالى: «و وسعني قلب عبدي المؤمن [1]»، فذلك عبد اللّه الذي منه كل شيء، و هو من لي كل شيء، و وليّ كل شيء، و اللّه وليه و مولاه، و هو العبد الذي يذهبه اللّه عنه فيجري عليه أمره كما فعل لعبد اللّه حبيبه حيث أجرى عليه اسمه العظيم في كتابه المبين فيما لا يكاد يحصى و لا يهتدى إليه إلا بعناية إفهام من اللّه إلا ما هو باد نحو قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ [الفتح: 10]، حتى يجري ذلك على حواسه، كما قال في قوله: «فأكون سمعه و بصره [2]» الحديث.
فذلك عبد اللّه إذا ذكرت اسمه لم يبق من ورائه ذكر، فكان مضمنا لكل حمد، هو لعبد اللّه بما هو للّه بما العبد من طينة سيده، و اللّه الوليّ الحميد.
و قال الشيخ العطار في شرح الصلاة للشيخ الأكبر: (الجامع بين العبودية و الربوبية):
فمظهره (صلى اللّه عليه و سلّم) وسع الحق بجميع أسمائه و صفاته، و كل من هو كذلك كان مظهره جامعا لكل مظهر من مظاهر الحق تعالى، حيث أن كل واحد منها مظهر اسم من الأسماء، و كل الأسماء كانت بمظهره (صلى اللّه عليه و سلّم)، فكان جامعا بين العبودية، أعني من حيث أن مظهره جمع كل مظهر؛ إذ المظهر خاضع لمن ظهر به عبد له.
و الربوبية من حيث أن اسمه الظاهر به جمع كل الأسماء، و هو الاسم (اللّه) رب الأرباب، فعبوديته أحاطت بكل عبودية، و ربوبيته أحاطت بكل ربّ.
فقد جمع (صلى اللّه عليه و سلّم) بحقيقته الظاهرة بين العبودية و الربوبية، كما جمع ذلك بباطنه و قد تقدّم ذلك، و لم تكن هذه الجمعية لغيره أبدا؛ لعدم الحيطة التامة في غيره.
فهو العبد حقيقة، من أجل هذا ذكر في القرآن بلفظ العبد كقوله تعالى: