و قوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ [الإسراء: 1].
و قد قال (صلى اللّه عليه و سلّم): «أنا عبد اللّه و رسوله [1]».
و إذا جمع بين العبودية و الربوبية جمع الجميع؛ إذ الحال دائر بين عبد و رب و لا ثالث لهما، و في هذه الجملة من الاصطلاحات المظهر و العبودية و الربوبية، و قد مضى شرح ذلك إلا العبودية، و هي انتساب العبد إلى مظهره، مثل أن تقول: قاموا بين يدي ربهم، و العبودة هي نسبة العبد إليه تعالى لا إلى أحد سواه.
و قد قال حضرة الشيخ في الفتوحات المكية: إن عباد اللّه منسوبون إلى العبودة لا إلى العبودية؛ لأنهم لو نسبوا إليها لانتسبوا إلى الصفة لا إليه.
النور الثاني و الثلاثون و هو نور التزكية:
فهو يكشف له كونه (صلى اللّه عليه و سلّم) حجة اللّه على العالمين.
* قلت: قال الحرالي: هو حجة اللّه على الخلائق، و الحجّة عليه أعلى الرتبتين في حكمة اللّه لأدناهما قولا و جدلا، و لما كان (صلى اللّه عليه و سلّم) أعلى في كل رتبة من رتب الحكمة كما هو أعظم في بادئ كل كلمة كان علوّه على أعلى الحكمة حجة على ما دونه، و كل شيء من الخلائق منه فهو حجة على ما كان منه، كما أن الأصل حجة على فرعه لا الفرع ثمرة أصله، و لما كان (صلى اللّه عليه و سلّم) متنزلا مع كل رتبة خلقا و أمرا كان حجة في كل رتبة دنيا أو عليا على الرتبة التي دونها بما له في تلك الرتبة العليا على الدنيا من الأحمدية فيها، و لأنه رسول اللّه للخلق من أنفسهم؛ فهو حجة على كل نفس من حيث مسرى أحمديته إليها، من حيث ما أوتيت و اتّسعت.
قال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها [الطلاق: 7].