و قال الإمام أحمد بن المبارك في كتابه الإبريز: سألت شيخنا القطب الغوثي سيدي عبد العزيز الدباغ، وقع خلاف بين أهل السّنة في وقت ولادته (صلى اللّه عليه و سلّم).
ففي بعض الروايات: ولد ليلا، و في بعضها ولد نهارا، فعلى أي الروايتين نعتمد؟.
فقال: على كلّ منهما يعتمد، و أنه لا خلف بينهما حقيقة، بل هو لفظي، و ذلك أن ابتداء الوضع كان من أول السدس الأخير، و انتهاؤه كان بعد الفجر، فمن قال: ولد ليلا نظر لابتداء الوضع، و من قال نهارا نظر لانتهائه انتهى.
و نقل الزركشي في شرح البردة عن ابن عباس رضي اللّه عنه لمّا ولد النبي (صلى اللّه عليه و سلّم) قال في أذنيه رضوان خازن الجنان: أبشر يا محمد فما بقي لنبي علم إلا و قد أعطيته؛ فأنت أكثرهم علما، و أشجعهم قلبا انتهى.
و نزل (صلى اللّه عليه و سلّم) على يد الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف، فهي قابلته رافعا بصره إلى السماء، واضعا يديه بالأرض.
و في ذلك من الإشارات ما لا يخفى، مكحولا، نظيفا، مسرورا: أي مقطوع السّر بضم السين: و هو ما تقطعه القابلة من السّرة، مختونا: أي على صورة المختون.
و قيل: ختنه جده سابع ولادته، و جمع بينهما بأنه يجوز أن يكون ولد مختونا ختانا غير تامّ، كما هو الغالب في المولود مختونا، فتمم جده ختانه.
و قيل: ختنه جبريل (عليه السّلام) يوم شقّ قلبه عند مرضعته حليمة.
و روي أنه تكلم حين خروجه من بطن أمه فقال: جلال ربي الرفيع، و قيل: قال: اللّه أكبر كبيرا، و الحمد للّه كثيرا، و سبحان اللّه بكرة و أصيلا، و يمكن الجمع.
و قال عياض: و ما جرى من العجائب ليلة مولده من ارتجاج إيوان كسرى، و سقوط شرفاته، و غيض بحيرة طبرية، و خمود نار فارس، و كان لها ألف عام لم تخمد.
و أنه كان إذا أكل مع عمه أبي طالب و آله و هو صغير شبعوا و رووا، فإذا غاب فأكلوا في غيبته لم يشبعوا.
و من ذلك حراسة السماء بالشهب و قطع رصد الشياطين و منعهم استراق السمع.