الموجودات، ثم في النظام القديم، ثم في سر القدر، ثم في الأمور العالية كان يغان على قلبه إذا ركب هذه المعلومات العزيزة.
* قلت: قال الشيخ جعفر: و لهذا قال (عليه السّلام): «ليغان على قلبي، فأستغفر اللّه [1]»: أي لتتراكم الأنوار و المعارف على قلبي، و تكثر التجليات الذاتية و الصفاتية على باطني و لبي بسبب ترقي في المعارج العرفانية و الكمال، و ارتقاء على ما هو أعلى و أوسع في الحال، فأستغفر اللّه مما كنت فيه قبل ذلك، و أتوب إليه مما أسلفته من التقصير هنالك.
و قد نقل الشيخ زروق في بعض شروحه على الحكم العطائية أن أبا الحسن الشاذلي اجتمع بالنبي (صلى اللّه عليه و سلّم) و قال: يا رسول اللّه إنك قلت: «إنه ليغان على قلبي؟» قال: نعم، قال:
ما هذا الغين؟ فقال (صلى اللّه عليه و سلّم):
«هو غين أنوار لا غين أغيار يا مبارك» فسمّاه مباركا و أجابه بهذا الجواب.
و في اللطائف للقاشاني في الكلام على الغيون بعد ما ذكر أنه يراد بها تجليات الذات الأقدس ما نصه:
تكاد الذي يغطي قلبه (صلى اللّه عليه و سلّم) و يغسله إنما هو تجليات ذاتية متظاهرة فكان لقوة حقيقتها، و غلبة أحديتها تمحو حطم بشريته، و تمحو أثر خلقيته، بحيث لا تبقي أثرا و لا رسما، بل تذهب العين في العين بالكلية فلهذا يستغفر اللّه: أي يطلب الغفر و الستر خوفا من غلبة أحكامها عليه، و تظاهر آثارها؛ لئلا يهمل حكم نبوته، و كمال وسطيته، و لئلا يظهر أثر ذلك للخلائق فيعبد، أو يقال فيه كما يقال في عيسى و عزيز (عليهما السّلام) انتهى.
و مثله ذكره أيضا الشيخ أبو عبد اللّه محمد بن سعيد بن أحمد بن محمد سعد الدين الفرغاني في شرحه لتائية ابن الفارض الكبرى، و هو أول شارح لها، و وفاته في حدود سنة سبعمائة، و في كلام غير واحد من الأكابر أن الترقّي المذكور له (صلى اللّه عليه و سلّم) غير مقصور على حالة الحياة الدنيوية، بل هو موجود في حياته البرزخية، و في الموقف، و في الجنة، لا ينقطع ما دام ملك اللّه موجودا، فخرج من هذا أن علمه (صلى اللّه عليه و سلّم) و مقامه و كماله يقبل الزيادة دائما و أبدا،