إن سأل سائل عن قوله تعالى: مََا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمََا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ اَلْعََالِينَ [ص: 75].
فقال: كيف أضاف إلى نفسه اليد؛ و هو ممن يتعالى عن الجوارح؟
الجواب، قلنا فى هذه الآية وجوه:
أوّلها أن يكون قوله تعالى: لِمََا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ جاريا مجرى قوله: «لما خلقت أنا» ، و ذلك مشهور فى لغة العرب، يقول أحدهم: هذا ما كسبت يداك؛ و ما جرّت عليك يداك؛ و إذا أرادوا نفى الفعل عن الفاعل استعملوا فيه هذا الضّرب من الكلام فيقولون: فلان لا تمشى قدمه، و لا ينطق لسانه، و لا تكتب يده؛ و كذلك فى الإثبات، و لا يكون للفعل رجوع إلى الجوارح فى الحقيقة؛ بل الفائدة فيه النفى عن الفاعل.
و ثانيها أن يكون معنى اليد هاهنا النعمة، و لا إشكال فى أن أحد محتملات لفظة اليد النعمة.
فأما الوجه فى تثنيتها فقد قيل فيه إن المراد نعمة الدنيا و نعمة الآخرة، فكأنه تعالى قال: ما منعك أن تسجد لما خلقت لنعمتى؛ و أراد بالباء اللام.
و ثالثها أن يكون معنى اليد هاهنا القدرة؛ و ذلك أيضا من محتملات اللفظة؛ يقول القائل: ما لي بهذا الأمر يد و لا يدان، و ما يجرى مجرى ذلك؛ و المعنى: أننى لا أقدر عليه و لا أطيقه؛ و ليس المراد بذلك إثبات قدرة على الحقيقة؛ بل إثبات كون القادر قادرا، و نفى
نام کتاب : الأمالي - ط دار الفكر العربي نویسنده : السيد الشريف المرتضي جلد : 1 صفحه : 565