روى عن النبىّ صلى اللّه عليه و آله أنه قال: «لا تسبّوا الدّهر، فإنّ الدّهر [1] هو اللّه» .
و قد ذكر قوم فى تأويل هذا الخبر أنّ المراد به لا تسبّوا الدهر، فإنه لا فعل له، و إنّ اللّه مصرّفه و مدبّره، فحذف من الكلام ذكر المصرّف و المدبّر و قال: «هو الدهر» .
و فى هذا الخبر وجه هو أحسن من ذلك الّذي حكيناه، و هو أنّ الملحدين، و من نفى الصانع من العرب كانوا ينسبون ما ينزل بهم من أفعال اللّه تعالى كالمرض و العافية، و الجدب و الخصب، و البقاء و الفناء إلى الدّهر، جهلا منهم بالصّانع جلّت عظمته، و يذمّون الدهر و يسبّونه فى كثير من الأحوال، من حيث اعتقدوا أنه الفاعل بهم/هذه الأفعال، فنهاهم النبىّ صلى اللّه عليه و آله عن ذلك و قال لهم: لا تسبّوا من فعل بكم هذه الأفعال ممّن تعتقدون أنه هو الدّهر، فإن اللّه تعالى هو الفاعل لها. و إنما قال: إنّ اللّه هو الدهر من حيث نسبوا إلى الدّهر أفعال اللّه؛ و قد حكى اللّه تعالى عنهم قولهم: مََا هِيَ إِلاََّ حَيََاتُنَا اَلدُّنْيََا نَمُوتُ وَ نَحْيََا وَ مََا يُهْلِكُنََا إِلاَّ اَلدَّهْرُ [الجائية: 24]. و قال لبيد:
فى قروم سادة من قومه # نظر الدّهر إليهم فابتهل [2]