أما قوله: «حلّت الخمر» فيحتمل أن يريد به أنّ ما وصفه من طيب الموضع و تكامل السرور به و حضور [2] المأمول فيه صار مقتضيا لشرب الخمر، و ملجئا إلى تناولها، و رافعا للحرج فيها؛ على مذهب الشعراء فى المبالغة؛ و تكون فائدة وصفها بأنها «حلّت» المبالغة فى وصف الحال بالحسن و الطّيب. و يحتمل أن يكون عقد على نفسه، و آلى ألاّ يتناول الخمر إلاّ بعد الاجتماع مع محبوبه، و كان الاجتماع معه مخرجا له عن يمينه، على مذهب العرب فى تحريم الخمر على نفوسهم، إلى أن يأخذوا بثأرهم؛ و يجرى ذلك مجرى قول الشّنفرى:
حلّت الخمر و كانت حراما # و بلأى ما ألمّت تحلّ [3]
و يحتمل أن يريد «بحلّت» نزلت و أقامت؛ من الحلول الّذي هو المقام؛ لا من الحلال؛ فكأنه وصف بلوغ جميع آرابه و حضور فنون لذّاته، و أنها تكاملت بحلول الخمر؛ التى فيها جميع اللذات؛ و هذا الوجه و إن لم يشر إليه أحد ممّن تقدم فى تفسير هذا البيت؛ فالقول يحتمله، و لا مانع من أن يكون مرادا. و قد قيل إنه أراد استحللنا الخمر لسكرنا، و فقدنا العقول التى كنا نمتنع لها من الحرام؛ و الوجوه المتقدمة أشبه و أقرب إلى الصواب.
و فى نسبتها خلاف كبير؛ نسبها أبو تمام فى الحماسة 2: 313-319 إلى تأبط شرا، و قال التبريزى:
«إنها لخلف الأحمر؛ و قيل إنها لابن أخت تأبط شرا» ؛ و نسبها ابن قتيبة فى الشعر و الشعراء إلى خلف؛ و قال: «إنه نحلها ابن أخت تأبط شرا؛ و كان يقول الشعر و ينحله المتقدمين» ، و ممن نسبها إلى الشنفرى صاحب الأغانى (5: 162) .
نام کتاب : الأمالي - ط دار الفكر العربي نویسنده : السيد الشريف المرتضي جلد : 1 صفحه : 280