نام کتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري نویسنده : المظفر، الشيخ محمد رضا جلد : 1 صفحه : 532
و يجب الاعتراف بأنّ بعض الصحابة استعملوا الاجتهاد بالرأي، و أكثروا- بل حتى فيما خالف النصّ- تصرّفا في الشريعة باجتهاداتهم. و الإنصاف أنّ ذلك لا ينبغي أن ينكر من طريقتهم، و لكن- كما سبق أن أوضحناه- لم تكن الاجتهادات واضحة المعالم عندهم، من كونها على نحو القياس، أو الاستحسان، أو المصالح المرسلة، و لم يعرف عنهم على أيّ أساس كانت اجتهاداتهم، أ كانت تأويلا للنصوص، أو جهلا بها، أو استهانة بها؟ ربما كان بعض هذا أو كلّه من بعضهم.
و في الحقيقة إنّما تطوّر البحث عن الاجتهاد بالرأي في تنويعه، و خصائصه في القرن الثاني و الثالث- كما سبق بيانه (1)- فميّزوا بين القياس، و الاستحسان، و المصالح المرسلة.
و من الاجتهادات قول عمر بن الخطّاب: «متعتان كانتا على عهد رسول اللّه أنا محرّمهما، و معاقب عليهما» (2). و منها: جمعه الناس لصلاة التراويح. (3) و منها: إلغاؤه في الأذان «حيّ على خير العمل» (4).
فهل كان ذلك من القياس أو من الاستحسان المحض؟
لا ينبغي أن يشكّ أنّ مثل هذه الاجتهادات ليس من القياس في شيء. و كذلك كثير من الاجتهادات عندهم.
و عليه، فابن حزم على حقّ إذا كان يقصد إنكار أن يكون القياس سابقا معروفا بحدوده في اجتهادات الصحابة، حينما قال في كتابه «إبطال القياس»: «ثمّ حدث القياس في القرن الثاني، فقال به بعضهم، و أنكره سائرهم و تبرّءوا منه». (5)، و قال في كتابه «الإحكام»: «إنّه بدعة حدث في القرن الثاني، ثمّ فشا، و ظهر في القرن الثالث». (6) أمّا: إذا أراد إنكار أصل الاجتهادات بالرأي من بعض الصحابة- و هو لا يريد ذلك قطعا- فهو إنكار لأمر ضروريّ