الْبَحْرِ [17/ 70]، و الحمل التكويني- بعد حفظ ظاهر الآية- سياحتهم في برّ عالم الصور الماديّة و البرزخيّة و سباحتهم في بحر عالم الأرواح المتعلقة و المرسلة و بالجملة إيداع الكل في وجوده.».
3- و المؤلّف معجب بعلم الحروف و ذكر المناسبات الحرفيّة و العدديّة في توجيه أسرار الأحكام، سيّما في محفل الزكاة، إذ مدار الأحكام فيه على النصابات المختلفة و المقادير المتعدّدة، فالإلمام في هذا الباب إلى المسائل العدديّة يكون أكثر.
4- الاستفادة من المطالب الخطابيّة و الذوقيّة- بدلا من البرهانيّات- كثيرا في توجيهات الأسرار، و ذلك شائع في الكتاب بحيث يمكن للمناقش المناقشة في كثير من العلل المذكورة فيها، غير أنّ عذر المؤلّف في كل ذلك أن ليس الأسرار المذكورة تمام الكلام، و إنما ذلك من قبيل إشارات أهل الإلهام، قال في مقدّمة كتابه:
«فإنّي آنست نارا من وادي عالم العقل إيناسا، فاقتبست من تلك النار لمحفل الفقاهة نبراسا، ليصطلي المهتدي بجذوة من ناره مقباسا، و شيّدت لعالي بنائه قواعد و أساسا، و أهبطت بعناية اللّه من سماء العلم أقمارا و أشماسا.».
5- بما أنّ متن الكتاب منظوم، لم يخل من تعقيدات و تكلّفات يلزم أمثال ذلك المنظومات، و لذلك أيضا كتب الناظم نفسه شرحا للإشعار يوضح به مقاصده، كما فعل ذلك في منظومتيه في الحكمة و المنطق أيضا.
و المؤلف لا شك أنّه كان ذا قريحة لطيفة شعريّة، و يشهد لذلك إشعاره الرائقة اللطيفة بالفارسيّة في ديوانه المطبوع، غير أن نظم المطالب الفقهيّة و الحكميّة في سلك الشعر ليست مثل إنشاد الأشعار الذوقيّة و المعاني العشقيّة، فلا ضير على الناظم إن شوهد في أرجوزة له كهذه بعض التكلّفات و الالتزام ببعض الضروريّات الشعريّة.
6- اشتمل النبراس- كما أشرنا إليه- على أبواب الطهارة و الصلاة و الزكاة و الصيام و الحجّ و النكاح، و سمّي كل باب منها ب«المحفل»، و الفصول المعنونة الفقهية ب«النبراس»، و الفصول المختصّة بالعلل ب«السرّ»، و قال في المقدّمة:
«ثمّ إنا صدّرنا كلّ باب من أبواب الفقه هنا ب«المحفل»، و ظاهر المسألة ب«النبراس» و باطنها ب«السرّ» أو «الأسرار».