جواز غيبة المتجاهر من حيث عدم اكتراثه بنسبة ذلك إليه، و حكاية ذلك عنه لتجاهره به، و حيث يكون المدار على ذلك يلزم الاقتصار على ما ذكرناه.
و لقائل أن يقول بالجواز مطلقا استنادا إلى إطلاق الأدلة، و لكن الاحتياط لا يخفى، خصوصا بعد أن كان الأصل في المؤمن الاحترام مطلقا، فيلزم المؤمن الاقتصار على المتيقَّن في ما خالف الأصل، و حكى بعض المعاصرين عن بعض الأصحاب القول بجواز غيبة الفاسق مطلقا، متجاهرا أو لا استناداً إلى قوله (صلّى الله عليه و آله و سلم):
(لا غيبة لفاسق) [1]، و هو كما ترى، فلا بد إما من حمله على الفاسق المتجاهر أو على [2] كان بعيداً.
خامسها: عدّ بعض أصحابنا من المستثنيات الاستفتاء،
و استدل على ذلك بقول هند زوجة أبي سفيان (إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني و ولدي) [3]، مع عدم إنكار النبي (صلّى الله عليه و آله و سلم) غيبة أبي سفيان، و هو كما ترى. أما أولا فلأنها متظلِّمة، فتخرج عن عنوان الاستفتاء إلى عنوان التظلّم، و أما ثانيا فلأن أبا سفيان متجاهر بالفسق، فلعل عدم الإنكار لذلك، فلا دلالة في الخبر المذكور على جواز الاغتياب في الاستفتاء، و استدل بعض أصحابنا على ذلك بخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (جاء رجل إلى النبي (صلّى الله عليه و آله و سلم) فقال: إن أمي لا تدفع يد لامس، فقال احبسها، قال: قد فعلت، فقال ص:
امنع من يدخل عليها، قال: فعلت: قال: فقيّدها؛ فإنك لا تبرّها بشيء أفضل من أن تمنعها عن محارم الله عز و جل) [4].
و فيه أن الخبر المذكور ظاهر في تجاهرها بذلك، و دعوى المستدل- احتمال كونها متجاهرة مدفوع بالأصل- مردودة بظهور الخبر في تجاهرها بذلك، و ربما استدل