لا تنقسم الى هذه الاقسام و لا تتصف بهذه الاحكام، و لكنها قد تتصف و تنقسم باعتبار تعلق فعل المكلف بها أيضاً، و هو المقصود هنا، فيكون نظر المحقق [1](رحمه الله) في تثليث القسمة انما هو انقسام الاكتساب باعتبار الموضوع كما يرشد الى ذلك جعل الضمير راجعا الى ما يكتسب به.
و الظاهر أن الاقسام باعتبار الموضوع ثلاثة لا غير، فلا ينافي ذلك انقسام مطلق الاكتساب كما صنعه جماعة منهم العلامة في القواعد، و جعلوا من أقسام الواجب ما يحتاج اليه الانسان لقوته و قوت عياله [2] الواجبي النفقة، و من المندوب ما يقصد به التوسع على العيال او نفع المحاويج مع حصول قدر الحاجة بغيره [3] إذا لم ينافِ شيئا من الواجبات، إذ نظرهم إلى أنّ الاكتساب من جملة موضوع الفقه الذي تتعلق به الاحكام الخمسة، سواء كان الحكم ناشئا من خصوص الموضوع أو من غيره.
و نظر من ثلّث القسمة الى الحكم الناشئ من خصوصِ الموضوع، و يشير الى ذلك جعل الضمير في عبارة المحقق راجعا الى ما يكتسب به و جعل المقسم موضوع التجارة في عبارة غيره. و الظاهر أن الأحكام التي تنشأ من الموضوع خصوص الثلاثة المذكورة، لان الواجب الذي مثّلوا به لا يتعلق بخصوص عين خاصة، و إنما يجب الاكتساب لتحصيل القوت من غير فرق بين الأعيان، فليس ذلك كالمحرم من التجارة و كذلك المستحب، فإنه لا يتعلق بعين خاصة بحيث يستحب التكسب بها بخصوصها، و إنما المستحب الاكتساب بأي عين كانت لنفع المحاويج، فحينئذٍ لا منافاة بين كلام من ثلّث القسمة و خمسها.
فإن قلت: أن العين من حيث هي لا يتعلق بها شيء من الاحكام كما ذكرت و انما يتعلق بها الحكم من حيث فعل المكلف من غير فرق بين الوجوب و الاستحباب و غيرهما. فشراء المكلف إذا تعلق بعين من الاعيان لقوت نفسه عند الحاجة كان واجبا، فتتصف تلك العين بالوجوب باعتبار وجوب فعل المكلف المتعلق