بعد قولها: أ تأمرني يا رسول اللّه؟ لا- بل انما أنا شافع إلى غير ذلك
بغض بريرة مغيثا؟ فقال لها النبي (صلى اللّه عليه و آله): لو راجعته فانه أبو ولدك. فقالت: يا رسول اللّه تأمرني؟ قال: لا، انما أنا شفيع. فقالت: لا حاجة لي فيه [1]- انتهى.
و قصة بريرة كما رواها في الوسائل أن بريرة كانت عند زوج لها و هي مملوكة فاشترتها عائشة و اعتقتها فخيّرها رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) و قال ان شاءت أن تقر عند زوجها و ان شاءت فارقته [2]- انتهى.
أقول: انما خيّرها رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) لان الامة اذا كانت زوجة العبد ثم اعتقت، تخيرت في فسخ عقدها و عدمه.
ثم ان وجه الاستدلال بهذا الحديث أن قوله (صلى اللّه عليه و آله) لبريرة (بعد قولها: أ تأمرني يا رسول اللّه؟ لا- بل انما أنا شافع) أو: لا انما أنا شفيع- كما في لفظ الرواية تدل على أن الامر للوجوب، اذ لو لم يكن للوجوب ما كان لاستفهام بريرة معنى و كذلك لقول النبي (صلى اللّه عليه و آله): لا، و وجه كونه مؤيدا لا دليلا- بعد كون الاستعمال أعم من الحقيقة- وجود القرينة و هي مقابلته بالشفاعة ثم ان الشفاعة طلب يرجع فائدته الى ثالث، و جعلها بعضهم مقابلا للامر و الالتماس و السؤال، نظرا الى عدم انحصارها في العالي أو الداني أو المساوى التي كانت شرائط للثلاثة الاول [3](الى غير ذلك).
فان قلت: ما وجه جعلكم الادلة الثلاثة مؤيدات مع أن اصالة عدم القرينة
[3] قال العلامة المشكينى: ربما يقال بسلامة خبر بريرة عنها، لان الاستشهاد فيه بفهم النبى (ص) للوجوب من اطلاقه لا باصالة عدم القرينة، و الظاهر كون فهمه مستندا الى حاق اللفظ (حاشية المشكينى ج 1 ص 93).