ثم ان الملحوظ حال الوضع إما يكون معنى عاما فيوضع اللفظ له تارة و لافراده و مصاديقه أخرى.
الاول في منشأ الارتباط، و فيه أقوال خمسة فقال بعض بأنه ذاتي و بعض بأنه جعلي و ثالث جعله بين الذاتية و الجعلية و الرابع جعله من لوازم الجعل و خامس جعله من الامور الاعتبارية، و لما كان الكلام فيها يحتاج الى بسط خارج عن وضع الشرح وكلناه الى مواضعه المبسوطة.
الثاني في تعيين الواضع فبعضهم قال بأنه اللّه تعالى، و آخرون قالوا بأنه البشر، و فصّل ثالث فجعل بعضه من اللّه تعالى و بعضه من البشر، و حيث لم يكن هناك دليل تطمئن اليه النفس على أحدها تركنا تفصيلها (ثم ان) الوضع لما كان عبارة عن الارتباط بين اللفظ و المعنى كان على الواضع ملاحظة اللفظ و المعنى قبل الوضع، فالمعنى المتصور قبل الوضع يسمى «وضعا» مجازا، اذ الوضع- كما تقدم- عبارة عن الارتباط، و تسمية المعنى به وصف باعتبار المتعلق، و اللفظ يسمى موضوعا و معنى اللفظ يسمى موضوعا له.
اذا عرفت هذا فاعلم ان الوضع بحسب التصور العقلي على أقسام أربعة، لان (الملحوظ حال الوضع اما يكون معنى عاما) و حينئذ (فيوضع اللفظ له) أي لذلك المعنى العام (تارة) و هذا هو القسم الاول المعبر عنه بالوضع العام و الموضوع له العام.
و ذلك كوضع لفظ الكلي بإزاء معناه الكلي، مثل وضع لفظ الحيوان بازاء النامي المتحرك بالارادة (و) بوضع اللفظ (لافراده و مصاديقه) تارة (اخرى) و هذا هو القسم الثاني المعبر عنه بالوضع العام و الموضوع له الخاص، و ذلك كأسماء الاشارة عند بعض، مثلا المعنى الملحوظ عند الوضع