كان إنشاء، و ان استعمل و أراد به اللفظ كان قراءة، ففي الانشاء يكون المحكي عنه هو المعنى، و في القراءة يكون المحكي عنه هو اللفظ، و عليه فلا تجتمع القراءة و طلب الهداية بجملة: «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ».
و الاخبار التي ظاهرها طلب القارئ الهداية حين الاتيان بهذه الجملة، محمولة على أن المراد طلب الهداية قلبا مقارنا للقراءة.
و الجواب: انا لا نسلم ان القراءة عبارة عن حكاية اللفظ و المماثل للفظ بحيث يكون المستعمل فيه لفظا، بل تصدق القراءة بمجرد ايجاد اللفظ المماثل لكلام الغير ملتفتا الى المماثلة من غير فرق بين ايجاد المعنى به إنشاء أم لا.
مثلا: من مدح محبوبه بقصيدة امرئ القيس، يصدق عليه انه قرأ القصيدة و لهذا نرى صحة قولنا: «فلان قرأ دعاء الكميل» مع انه انشاء المعنى بألفاظه، بل قد يعد امكان الجمع من البديهيات.
و الحاصل: ان القراءة ليست اخبارا حتى يستشكل بعدم امكان جمع الانشاء و الاخبار، مضافا الى أنه لا اشكال فيه أيضا مع القرينة، فالحق جواز الجمع و طلب الهداية بجملة اهدنا، و لا وجه لحمل تلك الاخبار على خلاف ظاهرها، و اللّه تعالى العالم.
«الامر الثالث عشر» فى المشتق و تحرير مباحثه
فنقول: (انه اختلفوا في أن المشتق) الذي سيأتي بيان المراد منه مفصلا