روي أن فاطمة (عليها السلام) لما طلبت الميراث و منعوها منه، احتجّوا بقوله (صلّى اللّه عليه و آله): نحن معاشر الأنبياء لا نورّث، ما تركناه صدقة. فعند هذا احتجّت فاطمة (عليها السلام) بعموم قوله تعالى:
«لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ»[1]، و كأنها أشارت إلى أن عموم القرآن لا يجوز تخصيصه بخبر الواحد.
ثم إن الشيعة قالوا بتقدير أن يجوز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد إلا أنه غير جائز هاهنا، و بيانه من ثلاثة أوجه:
أحدها: إنه خلاف قوله تعالى حكاية عن زكريا: «يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ»[2]، و قوله تعالى: «وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ»[3]؛ قالوا: و لا يمكن حمل ذلك على وراثة العلم و الدين لأن ذلك لا يكون وراثة في الحقيقة بل يكون كسبا جديدا مبتدا، إنما التوريث لا يتحقّق إلا في المال على سبيل الحقيقة.
و ثانيها: إن المحتاج إلى معرفة هذه المسألة ما كان إلا فاطمة و علي (عليهما السلام) و العباس و هؤلاء كانوا من أكابر الزهاد و العلماء و أهل الدين، و أما أبو بكر فإنه ما كان محتاجا إلى معرفة هذه المسألة البتة لأنه ما كان ممن يخطر بباله أنه يرث من الرسول (صلّى اللّه عليه و آله)، فكيف يليق بالرسول (صلّى اللّه عليه و آله) أن يبلغ هذه المسألة إلى من لا حاجة إليها و لا يبلغها إلى من له إلى معرفتها أشد الحاجة؟!
و ثالثها: يحتمل أن قوله: ما تركناه صدقة، صلة لقوله لا نورّث، و التقدير أن الشيء الذي تركناه صدقة كذلك الشيء لا يورث.
فإن قيل: فعلي هذا التقدير لا يبقي للرسول (صلّى اللّه عليه و آله) خاصية في ذلك، قلنا: فلتبق الخاصية لاحتمال أن الأنبياء إذا عزموا على التصدق بشيء فبمجرد العزم يخرج ذلك عن ملكهم و يرثه وارث عنهم، و هذا المعنى مفقود في حق غيرهم. و الجواب: أن فاطمة (عليها السلام)