لقد أجاب الجاحظ عن هذا السؤال و كفانا مؤونة الجواب، قال في رسائله:
فإن قالوا: كيف تظنّ به ظلمها و التعدّي عليها؟ و كلّما إزدادت عليه غلظة ازداد لها لينا و رقّة، حيث تقول له: «و اللّه لا أكلّمك أبدا»، فيقول: و اللّه لا أهجرك أبدا، ثم تقول: «و اللّه لأدعونّ اللّه عليك»، فيقول: و اللّه لأدعونّ اللّه لك. ثم يتحمّل منها هذا الكلام الغليظ و القول الشديد في دار الخلافة و بحضرة قريش و الصحابة مع حاجة الخلافة إلى البهاء و التنزيه و ما يجب لها من الرفعة و الهيبة، ثم لم يمنعه ذلك عن أن قال معتذرا متقرّبا بكلام المعظّم لحقّها و المكبّر لمقامها، الصائن لوجهها، المتحنّن عليها: ما أحد أعزّ عليّ منك فقرا و لا أحبّ إليّ منك غنى، و لكن سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يقول: إنا معاشر الأنبياء لا نورّث، ما تركناه صدقة.
قيل لهم: ليس ذلك بدليل على البراءة من الظلم و السلامة من الجور، و قد يبلغ من مكر الظالم و دهاء الماكر- إذا كان أريبا و للخصومة معتادا- أن يظهر كلام المظلوم و ذلّة المنتصف و حدب الوامق و مقت المحقّ ....
المصادر:
1. فاطمة الزهراء (عليها السلام) من قبل الميلاد إلى بعد الاستشهاد: ص 293، عن رسائل الجاحظ.
2. رسائل الجاحظ: ص 300، على ما في فاطمة الزهراء (عليها السلام) من قبل الميلاد إلى بعد الاستشهاد.