أن تفتقري. أ تراني أعطي الأسود و الأحمر حقه و أظلمك حقك و أنت بنت رسول اللّه؟
إن هذا المال لم يكن للنبي (صلّى اللّه عليه و آله)، إنما كان من أموال المسلمين، يحمل النبي (صلّى اللّه عليه و آله) به الرجال و ينفقه في سبيل اللّه. فلما توفي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ولّيته كما كان يليه.
قالت: و اللّه لا كلّمتك أبدا. قال: و اللّه لا هجرتك أبدا. قالت: و اللّه لأدعونّ اللّه عليك.
قال: و اللّه لأدعونّ اللّه لك.
فلما حضرتها الوفاة، أوصت أن لا يصلّي عليها. فدفنت ليلا، و صلّى عليها العباس بن عبد المطلب، و كان بين وفاتها و وفاة أبيها اثنتان و سبعون ليلة.
و من رواياتهم الصحيحة الصريحة في أنها (عليها السلام) استمرّت على الغضب حتى ماتت، ما رواه مسلم و أبو داود في صحاحهما، و أورده في جامع الأصول في الفصل الثالث من كتاب المواريث في حرف الفاء عن عائشة، قالت:
إن فاطمة بنت رسول اللّه (عليها السلام) سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أن يقسّم لها ميراثها مما ترك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) مما أفاء اللّه عليه. فقال لها أبو بكر: إن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قال:
لا نورّث، ما تركناه صدقة. فغضبت فاطمة (عليها السلام) فهجرته، فلم تزل بذلك حتى توفّيت.
و عاشت بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ستة أشهر إلا ليالي.
و كانت تسأله أن يقسّم لها نصيبها مما أفاء اللّه على رسوله (صلّى اللّه عليه و آله) من خيبر و فدك و من صدقته بالمدينة. فقال أبو بكر: لست بالذي أقسّم من ذلك، و لست تاركا شيئا كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يعمل به فيها إلا عملته، فإني أخشي إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ. ثم فعل ذلك عمر.
فأما صدقته بالمدينة، فدفعها عمر إلى علي (عليه السلام) و العباس و أمسك خيبر و فدك و قال:
هما صدقة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، كانتا لحقوقه و نوائبه و أمرهما إلى من ولّى الأمر. قال: فهما على ذلك إلى اليوم.
و قال في جامع الأصول: أخرجه مسلم، و لم يخرج منه البخاري إلا قوله: إن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قال: لا نورّث، ما تركناه صدقة. و لقلة ما أخرج منه لم تعلم له علامة، و أخرج داود نحو مسلم، انتهى.