أ ما ترى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)- و هو أزهد الزهاد- كيف انتفع بأموال خديجة في سبيل تقوية الإسلام؟ كما مرّ كلامه (صلّى اللّه عليه و آله) حول أموال خديجة.
سادسا: قد تقتضي الحكمة أن يطالب الإنسان بحقه المغضوب، فإن الأمر لا يخلو من أحد وجهين: إما أن يفوز الإنسان و يظفر بما يريد، و هو المطلوب و به يتحقّق هدفه من المطالبة، و إما أن لا يفوز في مطالبته فلن يظفر بالمال، فهو إذ ذاك قد أبدى ظلامته و أعلن للناس أنه مظلوم و أن أمواله غصبت منه.
هذا، و خاصة إذا كان الغاصب ممن يدّعي الصلاح و الفلاح و يتظاهر بالديانة و التقوى، فإن المظلوم يعرّفه للأجيال أنه غير صادق في دعواه.
سابعا: إن حملة المبادئ يتشبّثون بشتّى الوسائل الصحيحة لجلب القلوب إليهم؛ فهناك من يجلب القلوب بالمال أو بالأخلاق أو بالوعد و أشباه ذلك.
و لكن أفضل الوسائل لجلب القلوب- قلوب كافة الطبقات- هو التظلّم و إظهار المظلومية، فإن القلوب تعطف على المظلوم كائنا من كان، و تشمئزّ من الظالم كائنا من كان، و هذه خطة ناجحة و ناجعة لتحقيق أهداف حملة المبادئ الذين يريدون إيجاد الوعي في النفوس عن طريق جلب القلوب إليهم، و هناك أسباب و دواع أخرى لا مجال لذكرها.
لهذه الأسباب قامت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) و توجّهت نحو مسجد أبيها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) لأجل المطالبة بحقها.
إنها لم تذهب إلى دار أبي بكر ليقع الحوار بينها و بينه فقط، بل اختارت المكان الأنسب و هو المركز الإسلامي يومذاك، و مجمع المسلمين حينذاك و هو مسجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله).