و تسمعون صرختي فلا تغيثون! و أنتم نخبة اللّه التي انتخب، و خيرته التي انتحل لنا أهل البيت.
فنابذتم العرب، و ناجزتم البهم، و كافحتم الأمم؛ لا نبرح و تبرحون، نأمركم فتأتمرون، حتى دارت لنا بكم رحى الإسلام، و درّ حلب البلاد، و هدأت دعوة الهرج، و سكنت فورة الشر، و طفأت جمرة الكفر، و قرّ نقار الحق، و استوسق نظام الدين. فان حرتم بعد القصد، و نكصتم بعد الإقدام! «أَ لا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ ... مُؤْمِنِينَ». [1]
ألا و اللّه لقد أخلدتم إلى الخفض، و كلفتم بالدعة، فمحجتم بالذي وعيتم؛ ف «إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ ...». [2]
ألا و قد قلت الذي قلت عن عرفة مني بالخذلة التي خامرتم، و لكنها فيضة للنفس، و هيضة للعظم، و كظة الصدر، و نفثة الغيظ، و خور القبا، و معذرة الحجة؛ فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر، نقبة الخفّ، باقية العار، موسومة الشنار، موصولة بنار اللّه الموقدة، «الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ»[3]، و الحاكم الواحد الأحد.
و من كلام لها (عليها السلام):
تشربون حسوا في ارتقاء، و تمشون لأهله و ولده في الخمر و الضراء؛ نصبر منكم على مثل حزّ المدى، و حفر السنان في الحشا.
و لما انصرفت من عند أبي بكر، أقبلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالت له:
يا ابن أبي طالب! اشتملت شملة الجنين و قعدت حجرة الظنين! نقضت قادمة الأجدل، فخانك ريش الأعزل! هذا ابن أبي قحافة، قد ابتزّني نحيلة أبي و بليغة ابنيّ، و اللّه لقد أجهد ظلامتي و ألدّ في خصامي حتى منعتني القيلة نصرها، و المهاجرة وصلها، و غضّت الجماعة دوني طرفها؛ فلا مانع و لا دافع. خرجت و اللّه كاظمة و عدت راغمة