حتى إذا اختار اللّه لنبيه (صلّى اللّه عليه و آله) دار أوليائه و محل أنبيائه، ظهرت حسكة النفاق، و استهتك جلباب الدين، و نطق كاظم الغاوين، و نبغ خامل الآفلين، و هذر فنيق المبطلين؛ يخطر في عرصاتكم، و أطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم، فوجدكم لدعائه مجيبين، و لعزمه متطاولين، و استنهضكم فوجدكم خفافا، و أحمشكم فألفاكم غضابا، فوسمتم غير إبلكم، و وردتم غير شربكم؛ هذا، و العهد قريب، و الكلم رحيب، و الجرح لمّا يندمل، و الرسول لمّا يقبر.
فهيهات منكم و كيف بكم و أنّى لكم، أنّى تؤفكون؟ و كتاب اللّه بين أظهركم؛ أموره ظاهرة، و أحكامه زاهرة، و أعلامه باهرة، و زواجره بيّنة، و شواهده لائحة، و أوامره واضحة. أرغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون؟ «بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا»[2]؛ ألا «وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ». [3]
ثم أنتم هؤلاء تزعمون أن لا إرث لنا! أ فحكم الجاهلية تبغون؟ «وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ»؟ [4]
إيها معاشر الناس! أبتزّ إرثيه؟ [5] يا ابن أبي قحافة! أ في الكتاب أن ترث أباك و لا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا! [6]
جرأة منكم على قطيعة الرحم و نكث العهد. أ فعلي عمد تركتم كتاب اللّه و نبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول: «وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ»[7]، و فيما اقتصّ من خبر يحيى و زكريا إذ يقول: «قالَ رَبِ ... فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِ