يا ابن أبي قحافة! أ ترث أباك و لا أرث أبي؟ «لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا». [1] فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم اللّه، و الزعيم محمد (صلّى اللّه عليه و آله)، و الموعد القيامة، و عند الساعة يخسر المبطلون، و «لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ». [2]
ثم انكفأت إلى قبر أبيها فقالت:
قد كان بعدك أنباء و هنبثة * * * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * * * و اختلّ قومك فاشهدهم و لا تغب
و روى جرمي بن أبي العلام مع هذين البيتين بيتا ثالثا، و هو:
فليت قبلك كان الموت صادفنا * * * لما قضيت و حالت دونك الكثب
قال: فحمد اللّه أبو بكر و صلّى على محمد و آله و قال: يا خير النساء و ابنة خير الأنبياء، و اللّه ما عدوت رأي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و لا عملت إلا بإذنه و إن الرائد لا يكذّب أهله، و أني أشهد اللّه و كفى باللّه شهيدا، إني سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، يقول: إنا معاشر الأنبياء لا نورّث ذهبا و لا فضة و لا دارا و لا عقارا، و إنما نورث الكتاب و الحكمة و العلم و النبوة.
قال: فلما وصل الأمر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) كلّم في ردّ فدك فقال: إني لأستحي من اللّه أن أردّ شيئا منع منه أبو بكر و أمضاه عمر.
و أخبرنا أبو عبد اللّه المرزباني، قال: حدّثني علي بن هارون، قال: أخبرني عبد اللّه بن أحمد بن أبي طاهر، عن أبيه، قال: ذكرت لأبي الحسين زيد بن [علي بن الحسين بن زيد بن] علي بن الحسين بن زيد بن علي كلام فاطمة (عليها السلام) عند منع أبي بكر إياها فدك، و قلت له: إن هؤلاء يزعمون أنه مصنوع و أنه كلام أبي العيناء، لأن الكلام منسوق البلاغة.