و زعمتم أن لا حظوة لي و لا أرث من أبي و لا رحم بيننا؟! أ فخصّكم اللّه بآية أخرج أبي منها؟ أم هل تقولون: أن أهل ملتين لا يتوارثان؟ أو لست أنا و أبي من أهل ملة واحدة؟! أم أنتم أعلم بخصوص القرآن و عمومه من أبي و ابن عمي؟ فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك؛ فنعم الحكم اللّه، و الزعيم محمد (صلّى اللّه عليه و آله)، و الموعد القيامة، و عند الساعة يخسر المبطلون، و لا ينفعكم إذ تندمون، «لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَ يَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ». [5]
ثم رمت بطرفها نحو الأنصار فقالت:
يا معشر النقيبة و أعضاد الملة و حضنة الإسلام! ما هذه الغميزة في حقي و السنة عن ظلامتي؟ أ ما كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أبي يقول: «المرء يحفظ في ولده»؟ سرعان ما أحدثتم، و عجلان ذا إهالة! و لكم طاقة بما أحاول، و قوة على ما أطلب و أزاول.
أ تقولون مات محمد (صلّى اللّه عليه و آله)؟ فخطب جليل استوسع وهنه، و استنهر فتقه، و انفتق رتقه، و أظلمت الأرض لغيبته، و كسفت الشمس و القمر، و انتثرت النجوم لمصيبته، و أكدت الآمال، و خشعت الجبال، و أضيع الحريم، و أزيلت الحرمة عند مماته.
فتلك و اللّه النازلة الكبرى، و المصيبة العظمى؛ لا مثلها نازلة، و لا بائقة عاجلة؛ أعلن بها كتاب اللّه جلّ ثناؤه في أفنيتكم، و في ممساكم و مصبحكم، يهتف في أفنيتكم هتافا و صراخا و تلاوة و ألحانا، و لقبله ما حلّ بأنبياء اللّه و رسله، حكم فصل، و قضاء حتم؛