حتى إذا اختار اللّه لنبيه (صلّى اللّه عليه و آله) دار أنبيائه، ظهرت خلة النفاق، و سمل جلباب الدين، و نطق كاظم الغاوين، و نبغ خامل الآفلين، و هدر فنيق المبطلين. فخطر في عرصاتكم، و أطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم، فوجدكم لدعائه مستجيبين، و للغرّة فيه ملاحظين. فاستنهضكم فوجدكم خفافا، و أجمشكم فألفاكم غضابا. فوسمتم غير إبلكم، و أوردتموها غير شربكم؛ هذا و العهد قريب، و الكلم رحيب، و الجرح لمّا يندمل؛ بدار (و في نسخة إنما) زعمتم خوف الفتنة؟ «أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ». [1]
فهيهات منكم و أنّى بكم و أنّى تؤفكون!
و هذا كتاب اللّه بين أظهركم، و زواجره بينة، و شواهده لائحة، و أوامره واضحة؛ أرغبة عنه تدبّرون أم بغيره تحكمون؟ «بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا»[2]، «وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ». [3]
ثم لم تريثوا إلا ريث أن تسكن نغرتها؛ تشربون حسوا، و تسرّون في ارتغاء، و نصبر منكم على مثل حزّ المدى، و أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا؟ أ فحكم الجاهلية تبغون؟
ويها معشر المهاجرين! أ أبتزّ إرث أبي؟ أ في الكتاب أن ترث أباك و لا أرث أبي؟
لقد جئت شيئا فريا! فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم اللّه و الزعيم محمد (صلّى اللّه عليه و آله) و الموعد القيامة، و عند الساعة يخسر المبطلون، و لكل نبأ مستقر و سوف تعلمون. [5]
ثم انحرفت إلى قبر النبي (صلّى اللّه عليه و آله) و هي تقول: