ففرض اللّه الإيمان تطهيرا لكم من الشرك، و الصلاة تنزيها عن الكبر، و الصيام تثبيتا للإخلاص، و الزكاة تزييدا في الرزق، و الحجّ تسلية للدين، و العدل تنسّكا للقلوب، و طاعتنا نظاما، و إمامتنا أمنا من الفرقة، و حبنا عزّا للإسلام، و الصبر منجاة، و القصاص حقنا للدماء، و الوفاء بالنذر تعرّضا للمغفرة، و توفية المكاييل و الموازين تعبيرا للنحسة، و النهي عن شرب الخمر تنزيها عن الرجس، و قذف المحصنات اجتنابا للعنة، و ترك السرق إيجابا للعفة، و حرّم اللّه عز و جل الشرك إخلاصا بالربوبية.
فاتقوا اللّه حق تقاته و لا تموتنّ إلا و أنتم مسلمون، و أطيعوه فيما أمركم به و نهاكم عنه، فإنه «إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ». [1]
ثم قالت: أيها الناس! أنا فاطمة و أبي محمد (صلّى اللّه عليه و آله)؛ أقولها عودا على بدء. «لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ»[2]، ثم ساق الكلام على ما رواه زيد بن علي في رواية أبيه. ثم قالت في متصل كلامها:
أ فعلي محمد تركتم كتاب اللّه و نبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول اللّه تبارك و تعالى:
«وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ»[3]، و قال اللّه عز و جل فيما قصّ من خبر يحيى بن زكريا: «رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ»[4]، و قال عز ذكره: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ»[5]، و قال: «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ»[6]، و قال: «إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ»[7]، و زعمتم أن لا حقّ و لا إرث لي من أبي و لا رحم بيننا؟! أ فخصّكم اللّه بآية أخرج نبيه (صلّى اللّه عليه و آله) منها، أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثون؟ أو لست أنا و أبي من أهل ملة واحدة؟ لعلكم أعلم