كفى في فضل هذه الخطبة أن نقول: لو لم يكن للزهراء (عليها السلام) فضيلة إلا هذه الخطبة لكفى في فضلها و علوّ شأنها و شموخ قدرها.
فالعجب و الأسف لمن يزعم أن الزهراء (عليها السلام) تخطب هذه الخطبة الغرّاء لأجل نخيلات و مزارع في قرية فدك قطّ!
اللّه أكبر و سبحان من خلق الزهراء (عليها السلام) و سبحان من خلق الكائنات لأجلها و جعل مهرها الأرض كلها و فدك جزء منها!
الزهراء (عليها السلام) أكرم و أعظم من أن تخطب بهذه الخطبة لأجل فدك أو لأجل إرثها أو لأجل حطام الدنيا، و فدك و غير فدك دون أن تخطب سيدة النساء (عليها السلام) لها، و ما تصنع فاطمة و علي (عليهما السلام) بفدك و غير فدك و ما عند اللّه خير لهما و أبقى.
ما أصغر فدك بالنسبة إلى فوق الأرض و في الجغرافيا و ما أوسعها في خارطة التاريخ و في حدودها على مستوى الحكومة الإسلامية و الخلافة الإلهية، و أوسعتها الزهراء (عليها السلام) مرة أخرى على أوسعيتها بخطبتها الغراء الخالدة العالمية.
إن الزهراء (عليها السلام) انعقد مجلسا في مسجد أبيها في حشد من المسلمين لاستيضاح و محاكمة غاصب الخلافة الإلهية و الحكومة الإسلامية أولا، و استيضاح و محاكمة المسلمين من المهاجرين و الأنصار و غيرهم ثانيا. فلينظر أهل الملل و النحل قبل أن يعرف الزهراء (عليها السلام) و أبا بكر و ليقضوا بنظرة العدل و الإنصاف في ما جرى بينهما.
أيها الناس! أيها المسلمون! يا أهل العالم! يا ملائكة السماوات! هذه سيدتنا و هذه خطبتها و هذه بضاعتنا؛ اشهدوا على هؤلاء القوم، سرقوا الخلافة و الدين، و اختلسوا فدك و الميراث، و ظلموا و سخطوا و ألّموا و أهضموا حبيبة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) حتى طرحوها على الفراش، و جعلوها كالخيال حتى ألقت خطبتها جالسة على الأرض، مع أن الخطيب يخطب قائما أو جالسا على المنبر أو الكرسي.