و أيضا ما جرّوا أمير المؤمنين (عليه السلام) مع حلس كان مستقرا عليه، لزمت فاطمة (عليها السلام)- مع ما كان عليها من وجع القلب- بطرف الحلس تجرّه و يجرّ القوم عليا (عليه السلام) على خلافها. فإذا كانت هي تجرّه- سلام اللّه عليها- فإن القوم يقعون كلهم في الأرض على ركبتهم، و لم يزل التجاذب بينها و بينهم هكذا إلى أن أخذ عمر عن خالد بن الوليد سيفا. فجعل يضرب بغمده على كتفها حتى صارت مجروحة؛ فعل ذلك ثلاث مرات و مع هذا فلم يقدروا على أخذ الحلس من يدها حتى تمزّق و تشقّق و بقي قطعة في يدها و سائر القطعات في أيدي القوم، و كانت تلك الجرحة على كتفها حتى ماتت.
و قال بعد نقل هذا الخبر:
إن الشجاعة مذمومة في مطلق المرأة إلا في الصديقة الكبرى، لأنها (عليها السلام) بقية النبوة و من جملة آثار النبوة هي الشجاعة، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في حقها: يا بنت الصفوة و بقية النبوة، و هي بهذه الشجاعة منعت القوم- و هم أربعة آلاف رجل- عن أن يجرّوا أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى البيعة، إلى أن ضربها عمر بغمد سيفه على كتفها حتى أغمي عليها.
ثم أفاقت و رأت الدار خالية عن علي (عليه السلام). فسالت عنة فأجابت فضة مع سائر الناس بأن القوم أخذوا ابن عمك و جرّوه إلى البيعة.
فلما سمعت فاطمة (عليها السلام) تجلببت بجلبابها و اتزرت بإزارها و أخذت بيد شبليها الحسن و الحسين (عليهما السلام) مع لمّة من نسائها، و مشت وراء أمير المؤمنين (عليه السلام) لتستنقذه من أيدي الكفرة، حتى وصلت إلى باب المسجد و نظرت إلى منبر أبيها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و أبو بكر جالس عليه و علي (عليه السلام) مكشوف الرأس تحت المنبر و السيف بيد عمر و قال:
بايع خليفة رسول اللّه و إلا ضربت عنقك. فصاحت الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام):
يا أبتاه ....
المصادر:
1. مجمع النورين: ص 82.
2. جنات الخلود: ص 19 ح 8، شطرا منه.
3. الجنة العاصمة: ص 251، عن البحار.
4. بحار الأنوار: على ما في الجنة العاصمة، شطرا منه.